نام کتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية نویسنده : المسيري، عبد الوهاب جلد : 1 صفحه : 370
أما بالنسبة للصهاينة فعُمْق أثر الانتفاضة في التجمع الصهيوني يفوق الوصف. فالانتفاضة عمَّقت جوانب أزمة المجتمع الصهيوني سواء في المجالين الاقتصادي أو السياسي. وتعميق الأزمة الاقتصادية والسياسية يترجم نفسه إلى مزيد من الاعتماد على الولايات المتحدة وتآكل السيادة الاقتصادية والسياسية، ومن ثم ازدادت طفيلية التجمُّع الصهيوني وازداد التفسخ الاجتماعي فيه.
ولكن الأهم من هذا، أن الانتفاضة زعزعت دور إسرائيل كوسيط، فالدولة الصهيونية كانت تطرح نفسها على أنها استثمار ليس ذا عائد اقتصادي كبير ولكنه ذو عائد إستراتيجي مرتفع (فهي حاملة طائرات أمريكية زهيدة التكاليف) ، ولكن الانتفاضة بيَّنت بما لا يقبل الشك أن الدولة الصهيونية مكلفة من النواحي الإعلامية والاقتصادية والسياسية، وأنها قد يمكنها القيام بعمليات إجهاضية سريعة (دور الفتوة) أو أن تضرب في العمق العربي، ولكنها غير قادرة على الاحتفاظ بالأمن والسلام الأمريكي فهي إن كانت غير قادرة على الاحتفاظ بالأمن والسلام الأمريكي ضد الشباب من حملة الحجارة، فكيف يمكنها أن تحافظ على السلام الأمريكي من باكستان إلى المغرب، كما كانت تزعم. ومع استمرار الانتفاضة وعجز المؤسسة الصهيونية عن إطفاء نورها ونيرانها، ومع تزايد تماسك المجاهدين الفلسطينيين اكتشف الصهاينة أن دورهم التقليدي كشرطي للمنطقة لم يعد ممكناً، وأن محاولة ضرب الانتفاضة من خارجها لن تفلح، ومن هنا بدأت إسرائيل تطرح نفسها على أنها عدو الأصولية الإسلامية ليمكنها دخول تحالف مع الحكومات العربية ضد الروح الجهادية، ومن هنا توقيع اتفاقيات السلام والإلحاح على ضرورة رفع المقاطعة العربية حتى تلعب إسرائيل دوراً اقتصادياً يحل محل دورها العسكري القديم أو يكمله، بهذه الطريقة تحل الدولة الصهيونية أزمتها تجاه الدول الغربية الراعية لها وتكون قد توصَّلت إلى طريقة لضرب الانتفاضة من الداخل.
نام کتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية نویسنده : المسيري، عبد الوهاب جلد : 1 صفحه : 370