نام کتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية نویسنده : المسيري، عبد الوهاب جلد : 1 صفحه : 373
ويتراءى للبعض أن علاقة المؤشِّر بالواقع مباشرة تماماً تشبه علاقة العقل بالواقع أو علاقته بالمعلومات، وذلك في الرؤى الموضوعية المتلقية المادية (صفحة بيضاء تنطبع عليها معطيات الواقع الحسية دون تَدخُّل الرؤى والرموز والذكريات والإرادة والمقدرة والمصالح على خداع الذات وتجاوزها) ، كما تشبه علاقة المثير بالاستجابة في النماذج السلوكية إذ لا توجد مسافة تفصل بين الواحد والآخر. ولكن المؤشِّر لا يتحرك في فراغ أو على صفحة بيضاء، فهو مرتبط دائماً بالنموذج الإدراكي أو التفسيري الذي يحكم رؤية من يستخدم المؤشِّر، وقد يكون المؤشِّر تعبيراً عن نموذج مركب (ولنسمه «المؤشِّر المركب» ) ، ولذا فإن علاقته بالواقع ستكون مركبة لأنه يشير إلى الواقع في مستوياته المختلفة الظاهره والباطنة والبرانية والجوانية وأبعاده المتنوعة دون اختصار أو اختزال. وهو سيدور في إطار رؤية تفسيرية اجتهادية تدرك تماماً أن معرفة بعض جوانب الواقع ممكنة، أما معرفة كل جوانب الواقع فأمر إمبريالي مستحيل. وقد يدور المؤشِّر في إطار نموذج اختزالي (ولنسمه «المؤشِّر الاختزالي» ) فتصبح مهمته اختزال الواقع. فالمؤشِّر الاختزالي ـ شأنه شأن النماذج الاختزالية ـ يتعامل مع الواقع (متضمناً الإنسان) باعتباره ظاهرة بسيطة واضحة، خاضعة للسببية الصلبة المباشرة الكاملة؛ الظاهر هو الباطن، والسطح لا يختلف عن الأعماق، والظاهر يكشف ما في الباطن بسهولة ويُسر، والسطح يشف عما تحته بدون عناء. والدوافع الإنسانية بسيطة واضحة يمكن رصدها، ولذا فإن الإنسان يسلك حسب نمط متكرر مسبق، ولذا يَسهُل التنبؤ بما سيفعل كما يتصور السلوكيون (وهم حالة متطرفة من أصحاب المؤشِّرات الاختزالية الكمية [المادية] ) . ويظن صاحب المؤشِّر الاختزالي أن مؤشِّره أو مؤشِّراته يقينية نهائية صلبة وما عليه إلا أن يتسلح بها وينظر للواقع بشكل موضوعي محايد (متجاهلاً السياقات المركبة المتداخلة
نام کتاب : موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية نویسنده : المسيري، عبد الوهاب جلد : 1 صفحه : 373