لم يصل إلينا مع الأسف كتاب «فضل العرب» بتمامه. والذى نشره المرحوم محمد كرد على (فى رسائل البلغاء، طبعة جديدة للجنة التأليف والترجمة بمصر سنة 1946، ص 344 إلى 377) ليس إلا قطعة منه نلتقط منها ما سيبين القارئ اسلوب ابن قتيبة فى هذا البحث السياسى من الجدال الشعوبى من ذلك العصر:
«فلا يمنعنى نسبى فى العجم أن أدفعها عما تدعيه لها جهلتها (ص 356) .
ولم أر فى هذه الشعوبية أرسم عداوة ولا أشد نصبا للعرب من السفلة والحشوة وأوباش النبط وأبناء أكرة القرى. فأما أشراف العجم وذوو الأخطار منهم وأهل الديانة فيعرفون ما لهم وما عليهم، ويرون الشرف ثابتا (ص 345) . وعدل القول فى الشرف أن الناس لأب وامّ، خلقوا من تراب واعيدوا إلى التراب، وجروا مجرى البول، وطووا على الأقذار. ثم إلى الله مرجعهم، فتنقطع الأنساب وتبطل الأحساب إلا من كان حسبه تقوى الله (ص 356) . فهذه حالها فى الجاهلية مع أحوال كثيرة فى العلم والمعرفة سنذكرها بتمامها بعد إن شاء الله» (ص 373) .
فليس فى هذا كله ما يستوجب الحملة الشديدة التى أباحها البيرونى.
والحقّ أن ابن قتيبة، الذى كان عجمى النسب، كما ذكر هو فى أول الكلام، لم يرد بهذه الرسالة الانتصار الروح الإسلامية. ولم يكن قصده تفضيل العرب على أحد، بل تسكيت الذين كانوا ينقمون من العرب تعصبا، وينسبون إليهم الأقذار والتوحش.
كما قلنا آنفا لم يصل إلينا مع الأسف قسم العلوم من كتاب