responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : القانون في الطب نویسنده : ابن سينا    جلد : 1  صفحه : 124
بَين صدفي جبلين منكشفاً لوجه ريح فَيكون هبوب تِلْكَ الرّيح هُنَاكَ أَشد مِنْهُ فِي بلد مصحر لِأَن الْهَوَاء من شَأْنه إِذا انجذب فِي مَسْلَك ضيق أَن يسْتَمر بِهِ الانجذاب فَلَا يهدأ وَكَذَلِكَ المَاء وَغَيره وعلته مَعْرُوفَة فِي الطبيعيات. وَأَعْدل الْبِلَاد من جِهَة الْجبَال وسترها والانكشاف عَنْهَا أَن تكون مكشوفة للمشرق وَالشمَال مستورة نَحْو الْمغرب والجنوب. وَأما الْبحار فَإِنَّهَا توجب زِيَادَة ترطيب للبلاد الْمُجَاورَة لَهَا جملَة. فَإِن كَانَت الْبحار فِي الْجِهَات الَّتِي تلِي الشمَال كَانَ ذَلِك معيناَ على تبريدها بترقرق ريح الشمَال على وَجه المَاء الَّذِي هُوَ بطبعه بَارِد. وَإِن كَانَ مِمَّا يَلِي الْجنُوب أوجب زِيَادَة فِي غلظ الْجنُوب وخصوصاً إِن لم تَجِد منفذاً لقِيَام جبل فِي الْوَجْه. وَإِذا كَانَ فِي نَاحيَة الْمشرق كَانَ ترطيبه للجو أَكثر مِنْهُ إِذا كَانَ فِي نَاحيَة الْمغرب إِذْ الشَّمْس تلح عَلَيْهِ بالتحليل المتزايد مَعَ تقَارب الشَّمْس وَلَا تلح على المغربية. وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن مجاورة الْبَحْر توجب ترطيب الْهَوَاء ثمَّ إِن كثرت الرِّيَاح وتسربت وَلم تعَارض بالجبال كَانَ الْهَوَاء أسلم من العفونة. فَإِن كَانَت الرِّيَاح لَا تتمكن من الهبوب كَانَت مستعدة للتعقن وتعفين الأخلاط. وأوفق الرِّيَاح لهَذَا الْمَعْنى هِيَ الشمالية ثمَّ المشرقية والمغربية. وأضرها الجنوبية. وَأما الْكَائِن بِسَبَب الرِّيَاح فَالْقَوْل فِيهَا على وَجْهَيْن: قَول كلّي مُطلق وَقَول بِحَسب بلد بلد وَمَا يَخُصُّهُ. فَأَما القَوْل الْكُلِّي فَإِن الجنوبية فِي أَكثر الْبِلَاد حارة رطبَة. أما الْحَرَارَة فَلِأَنَّهَا تَأْتِينَا من الْجِهَة المتسخنة بمقاربة الشَّمْس وَأما الرُّطُوبَة فَلِأَن الْبحار أَكْثَرهَا جنوبية عَنَّا. وَمَعَ أَنَّهَا جنوبية فَإِن الشَّمْس تفعل فِيهَا بِقُوَّة وتبخر عَنْهَا أبخرة تخالط الرِّيَاح فَلذَلِك صَارَت الرِّيَاح الجنوبية مرخية. وَأما الشمالية فَإِنَّهَا بَارِدَة لِأَنَّهَا تجتاز على جبال وبلاد بَارِدَة كَثِيرَة الثلوج ويابسة لِأَنَّهَا لَا يصحبها أبخرة كَثِيرَة لِأَن التَّحَلُّل فِي جِهَة الشمَال أقل وَلَا تجتاز على مياه سَائِلَة بحريّة بل إِمَّا أَن تجتاز فِي الْأَكْثَر على مياه جوامد أَو على البراري. والمشرقية معتدلة فِي الْحر وَالْبرد لَكِنَّهَا أيبس من المغربية إِذْ شمال الْمشرق أقل بخاراً من شمال الْمغرب. وَنحن شماليون لَا محَالة والمغربية أرطب يَسِيرا لِأَنَّهَا تجتاز على بحار وَلِأَن الشَّمْس تخالفها بحركتها فَإِن كل وَاحِد من الشَّمْس وَمِنْهَا كالمضاد للْآخر فِي حركته فَلَا تحللها الشَّمْس تحليلها للرياح المشرقية وخصوصاً وَأكْثر مهب الرِّيَاح المشرقيات عِنْد ابْتِدَاء النَّهَار وَأكْثر مهب المغربيات عِنْد آخر النَّهَار. وَلذَلِك كَانَت المغربيات أقل حرارة من المشرقيات وأميل إِلَى الْبرد والمشرقيات أَكثر حرا وَإِن كَانَا كِلَاهُمَا بِالْقِيَاسِ إِلَى الرِّيَاح الجنوبية والشمالية معتدلين. وَقد تَتَغَيَّر أَحْكَام الرِّيَاح فِي الْبِلَاد بِحَسب أَسبَاب أُخْرَى. فقد يتَّفق فِي بعض الْبِلَاد أَن تكون الرِّيَاح الجنوبية فِيهَا أبرد إِذا كَانَ بقربها جبال ثالجة جنوبية فتستحيل الرّيح الجنوبية بمرورها عَلَيْهَا إِلَى الْبِلَاد وَرُبمَا كَانَت الشمالية أسخن من الجنوبية إِذا كَانَ مجتازها ببراري محترقة. وَأما النسائم فَهِيَ إِمَّا ريَاح مجتازة ببراري حارة جدا وَإِمَّا ريَاح من جنس الأدخنة الَّتِي تفعل فِي الجو عَلَامَات هائلة شَبيهَة بالنَّار فَإِنَّهَا إِن كَانَت ثَقيلَة يعرض لَهَا هُنَاكَ اشْتِغَال أَو التهاب

نام کتاب : القانون في الطب نویسنده : ابن سينا    جلد : 1  صفحه : 124
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست