نام کتاب : تاريخ الفلسفة الحديثة نویسنده : يوسف مكرم جلد : 1 صفحه : 222
98 - الحساسية الصورية:
أ- المكان صورة أولية ترجع إلى قوة الحساسية الظاهرة التي تشمل حواسنا الخمس. والزمان صورة أولية ترجع إلى قوة الحساسية الباطنة بصفة مباشرة، وإلى قوة الحساسية الظاهرة بصفة غير مباشرة من حيث إن كل إحساس فهو حدث نفسي له موضعه من الزمان. وهنا يثير كنط مسألتين: الأولى هل لهاتين الصورتين وجود في الذهن وهل هما أوليتان؟ ويسمى البرهنة على هذه المسألة بالعرض الميتافيزيقي. والثانية هل هاتان الصورتان موضوعيتان وصالحتان لاكتساب معارف أولية؟ ويسمى البرهنة على هذه المسألة بالعرض الذاتي.
ب- أما المسألة الأولى فيورد عليها كنط ثلاثة أدلة: الدليل الأول أننا لولا هاتان الصورتان لما استطعنا إدراك المحسوسات في المكان والزمان، إذ إننا نتصور الموضوعات متحيزة خارجًا عنا وبعضها إلى جانب بعض، فيرتبها ترتيبًا مكانيًّا، فصورة المكان مفترضة في كل تجربة ظاهرة، ولدينا تصورات حسية متقارنة أو متعاقبة، ونحن نقول: إنها تقابل أشياء متقارنة أو متعاقبة، فصورة الزمان مفترضة في التقارن والتعاقب، أي: في كل ظاهرة باطنة. الدليل الثاني أننا نستطيع أن نطرد من ذهننا الموضوعات والأحداث التي نضعها في المكان والزمان، ولا نستطيع أن نمحو تصور المكان والزمان. ويعلم كنط أنه يمكن أن يقال: إنهما معنيان كليان مجردان من التجربة كمعاني الأجناس والأنواع، فيرد قائلًا: إن المعنى المجرد من التجربة ليس كليا بمعنى الكلمة، وإنما هو معنى عام يختصر الجزئيات المدركة، وهو لذلك كلي نسبي يحتمل استثناء لاستحالة استيعاب الجزئيات جميعًا؛ ثم هو أفقر من المعنى الجزئي؛ لأنه يحتفظ ببعض عناصره ويغفل الباقي! ثم إن أفراده هي الموجودة أولًا، وهي متباينة فيما بينها؛ أما صورتا المكان والزمان فهما من جنس المكان والزمان الجزئيين، ونحن نحصل على أجزائهما بقسمة المكان الواحد والزمان الواحد إلى أجزاء متجانسة، فهما كليان حقا حاصلان على "كمية مطلقة". الدليل الثالث أننا نتصور المكان والزمان غير متناهيين. وليس في التجربة سوى مقادير متناهية؛ وإن قيل: إن المعاني العامة غير متناهية هي أيضًا من حيث إننا ندرج تحتها عددًا لامتناهيًا من الأفراد، كان الجواب
نام کتاب : تاريخ الفلسفة الحديثة نویسنده : يوسف مكرم جلد : 1 صفحه : 222