تتبلور في شكل سلطة داخلية تقوم مقام الوالدين حتى في غيابهما فيقيم الطفل من نفسه حارسًا على نفسه فتصبح الأنا العليا رقيبًا نفسيًا" على سلوك الطفل يوجهه ويرشده وينهاه "مصطفى فهمي: 125، 1969".
ومن الواضح أن التدريب على ضبط عمليات الإخراج يعد أحد المواقف الأولى التي يحدث فيها هذا النوع من التهذيب الذي لا يلبث أن يصبح جزءًا من كيان الطفل يوجهه في المواقف المشابهة دون أوامر الكبار أو توجيهاتهم.
ب- نمو مبدأ الواقع مقابل مبدأ اللذة:
اتضح سابقًا: أن "الهو" أنانيًا تمامًا والسلوك في المرحلة الفمية يتبع مبدأ اللذة، وبعبارة أدق: اغتصاب الحد الأقصى من اللذة الحالية أو تجنبه الألم الحالي بغض النظر عن المستقبل وإذا كان الإنسان يتبع بالفطرة مبدأ اللذة وينشد اللذة المباشرة والتصريف المباشر لرغباته -إلا أن الطفل يتحقق بالتدريج أن هذه السياسة ليست حكيمة باستمرار، حيث يجد نفسه في مجابهة حقائق الطبيعة الخارجية وبيئة الاجتماعية التي تعترض رغباته بشدة، فيتعود أن يتجنب اللذات التي تأتي بالألم أكثر، وأن يؤجل تصريف الرغبات في سبيل تصريف أكمل وأبعد فقد يأكل الطفل بشراهة ثم يعاني من المغص، وقد يستمر في اللعب محطمًا أوامر والديه ثم يعاقب -فنجده حينئذ يبدأ ظهور ميل طفيف لنمط جديد من السلوك بسبب تصرفاته، وذلك هو مبدأ الواقع. وهو محاولة الحصول على الحد الأقصى من اللذة والحد الأدنى من الألم في المستقبل لا في الموقف الحالي فقط. وهذا يعني تثمين للذة الحالية والألم محتمل في المستقبل أي تحمل تعب حالي وعلى أساس احتمال اللذة الحالية والألم محتمل في المستقبل -أي تحمل تعب حالي على أساس احتمال راحة مستقبلية أو مكافأة كبيرة بعد ذلك.. وبمرور الوقت يصل الشخص إلى النضج إذ يجب عليه التخلي عن مبدأ اللذة والعيش وفقًا لمبدأ الواقع.