فالزواج المستقر يعطيه التأكيد أنه مرغوب فيه من آخر, مما يجعله مسئولًا عن تربية نشء في حاجة إليه، ونجاحه فيه يجعله واثقًا من أهميته في مجاله.
وكلما كبر أبناءه قلَّت حاجتهم إليه، وكلما زادت إجادته لعمله ووصلت إلى ذروتها, لم يعد العمل يمثل تحديًا أو خلقًا أو تجديدًا. علاوة على أنه يكون غالبًا قد حصل على أقصى ما يسعى إليه من جزاء مادي أو أدبي من خلال عمله هذا, وهنا فإن الاهتمام بأمر الجيل التالي يشمل إحساسًا بالإنتاج في مقابل الإحساس بالركود، هذا الإحساس بالإنتاج يضمن للجيل التالي الآمال والفضائل والحكمة التي جمعها الأبوان، ويشمل إحساسًا بالأبوَّة لتدعيم إجراءات رعاية الأطفال وتربيتهم وتعليمهم. هذا الإحساس الوالدي يتضمَّن الرعاية السوية للأطفال, والرغبة في تحقيق الإشباع والراحة لهم، إنه القدرة على النظر للأطفال على أنَّهم أمانة في العنق وضعت في يد الفرد؛ للثقة في مقدرته على ذلك.
ولكن بعد ذلك يبرز التحدي الذي يجعله يبحث عن الهدف الأوسع من دائرة الأسرة المحدَّدة، فهو يبحث عن الشيء الذي يستطيع أن ينجزه على مستوى أعلى من تغطية احتياجاته الأسرية, إنه يواجه مشكلة البحث عن القضايا التي تهمه؛ كالبحث عن أيديولوجية تعطي معنى لحياته، وكثيرًا ما يحتاج إلى الدين أو إلى الفلسفة مرة أخرى, كما أنَّ الدور الذي يبحث عنه في سن الأربعينات هو كيف يستطيع ممارسة العطاء للآخرين, وهو عطاء نابع من داخله, وليس مفروضًا عليه بحكم الواجب أو أي شكل من أشكال القهر، وهو لهذا أقرب ما يكون إلى عملية الخلق والإبداع، بمعنى: إخراج ما سبق أن أدخله, ولكن بصورة جديدة تحمل طابعة الخاص به.