أنها لا تعمل -تقريبًا- إلّا في نطاقٍ ضيق في مرحلة الرشد, وحتَّى في المجتمعات البدائية فإنها تمد الفرد بطقوس rites عن الطرق التي تعمل على تحديد هويته الأولى المفروضة عليه "المكلف بها" وتؤكدها. وقد يتكوَّن لدى الفرد أيديولوجية لا تشمل على أيّ معتقدات دينية، ورغم ذلك فإن هذه الأيديولوجية لا بُدَّ وأن تأخذ في الحسبان وجود قضايا دينية مثل: وجود الله، ومعايير القضايا الأخلاقية.. إلخ, وعلى هذا: فإن التساؤلات عن المعقتدات الدينية هي مدخل سهل للعالم الأيديولوجي للفرد، وتؤخذ الاستجابات ذات المغزى الفكري عن قضايا الدين كدليل على البناء الأيديولوجي والفكري المصاحب لتشكيل الهوية، ورغم ذلك: فإن وجود الدين من عدمه لا يمثّل معيارًا في ذلك. وهنا في -هذا المجال- كما هو الحال في المجالات التالية من مجالات تقدير الهوية, فإن محتوى المعتقدات الدينية ليس مناسبًا لتحديد رتب الهوية، فمهما يكن لدى الفرد معتقد ديني أم لا، أو ما يحتويه هذا الاعتقاد الديني, فإن ذلك ليس مناسبًا للحكم على رتب الهوية، فالذي يميز مراتب الهوية لدى الفرد هو قدرته على تحديد معتقد ديني بعينه من عدمه. إن القضية الأساسية هي عمق واتساع التأمّل الفكري الذي يعطيه الفرد للجوانب الأيديولوجية، وهذا ما يجعلنا نقول بأنه في غياب التفسير العقلي الذي يقوم به الفرد يقدَّر باعتباره مرتفعًا في الهوية إذا ما استطاع أن يحدد معتقدات دينية معينة عمَّا إذا لم يستطع ذلك. ولذلك: فعندما يسمع الفرد عن هذا الجزء الخاص بالمعتقدات الدينية في مقابلة تحديد رتب الهوية، فإن التساؤلات في هذه المقابلة لا بُدَّ وأنها تدور حول: "هل هذا الفرد لديه نسق عقائدي متماسك؟ "، و"هل هذا النسق يتطابق مع ما كان يتبناه في الطفولة؟ "، وهل هناك فترة استكشاف، تلك الفترة التي يقدّر فيها الفرد احتمالات البدائل؟ "، وهي حياة الفرد -من الناحية السلوكية- تساير تلك المعتقدات؟
ولقد لوحظ أن الفرد الذي يتمّ إجراء المقابلة معه, من الممكن أن يكون قد ترعرع ونما في نوع من الفراغ الأيديولوجي "الفكري", ولذلك: فإن هناك قاعدة عامَّة تقرر، بأنه: "إذا قضى الفرد طفولته في سياق فكري "مشتَّت", ويظل مشتتًا