وعلى أساس هذه المعطيات وغيرها قام بياجيه بصياغة بعض الأفكار حول فهم الأطفال للعدالة, من ذلك:
1- فكرة العدل الجزائي retributive justice: وهي تختص بطريقتين يفكِّر بهما الأطفال:
- فالعقوبة يجب أن تقابل الأفعال الخاطئة.
وكان أحد أشكال العقاب الذي يستخدمه أكثر الأطفال الأصغر هو العدال التكفيرية expiatory justice؛ فالعقاب يجب أن يكون متناسبًا تناسبًا طرديًّا مع خطورة الذنب، ولكن شكله لا يجب بالضرورة أن يرتبط بالفعل الخاطئ.
- أما الشكل الثاني من العقاب فهو ما أسماه بياجيه بالعقاب بالمثل، أو العقاب عن طريق التبادل punishment by reciprocity: فالأطفال الأكبر سنًّا بدا وكأنهم يعتقدون أن العقاب يجب أن يناسب الجريمة بطريقة ما؛ بحيث يمكن للمذنب أن يحسن تقدير النتائج المترتبة على فعله. إن الغرض من هذا الشكل من العقاب لا يهدف إلى إنزال العقاب من أجل العقاب ذاته، ولكن لإظهار نتائج الفعل من خلال العقاب الذي يرتبط ارتباطًا منطقيًّا بالفعل الخاطئ.
وثمة مثال قدَّمه فلافيل flavell عام "1963" يوضح هذه النقطة: فلنفترض أن طفلًا ما لم يتمكن من إحضار طعام إلى المنزل بعد أن طلب منه ذلك. إن ضربه يعتبر مثالًا للعقاب التكفيري؛ لأنه لا توجد علاقة منطقية بين الفعل الخاطئ والعقاب, أما تقليل مقدار وجبة الطفل أو رفض أداء خدمة للطفل يعتبر مثالًا للعقاب الجزائي؛ لأنه في الحالة الأولى تكون كمية الطعام المتيسّر أقل، والحالة الثانية؛ لأن الطفل كان قد رفض أداء خدمة.
2- العدالة الوشيكة immanent justice وأخلاقيات التعاون أو التبادلية: morality of cooperation or reciprocity: فالطفل يستجيب للقواعد لأنها تعتبر صارمة وغير قابلة للتعديل, خاصَّة في المرحلة الأولى للنمو الأخلاقي،