ولم يكن اهتمام كولبرج بكيفية تقرير حل المآزق الخلقية بالمبررات المعطاة لهذه الاختيارات؛ حيث يعتقد بأنَّ هذه المبررات تعكس البناء العقلي الداخلي للتفكير الخلقي.
كما يشير كولبرج وكرامر إلى أنَّ النمو الأخلاقي يتضمَّن عملية متصلة يعيشها الفرد, بهدف إقامة نوع من المواءمة بين نظرة أخلاقية معينة وخبرة الفرد, فيما يتعلق بالحياة في عالم اجتماعي يتبنَّى هذه النظرة, ويتخذ منها معيارًا لمسلك الأفراد في هذا الجانب أو ذاك من جوانب حياتهم؛ حيث يرى أن التفكير الخلقي يتمُّ في سياق نمو عمليات التفكير التي يمرّ بها الطفل أثناء تعامله وتفاعلاته مع بيئته الاجتماعية، ويستمر النمو في التفكير الخلقي من خلال ما يعيشه الفرد من مواقف وخبرات، ومحاولاته المستمرة لحل ما يواجهه من تناقضات, وتجاوز آثارها "kohiberg & kramer, 1980,93-120". ويرى توريل Turiel أنَّ ما يعيشه الطفل من صراعٍ وتناقضٍ يترتَّب عليه اختلال في التوازن فيما لديه من تركيبات أخلاقية قائمة، مما يؤدي به إلى أن يصبح غير قادر على أن يستوعب هذه الخبرات, وبالتالي فهو يتلمَّس الطريقة التي يصل بها إلى تركيب آخر يقترب مما لديه. وعندما يتيقن أن هذا التركيب في صورته الجديدة يتفق أو يتوائم مع ما يعيشه من مواقف وخبرات, يعمد إلى التوافق بين التركيبين الجديد والقديم؛ بحيث ينتقل إلى نوع جديد من الاتزان, أي: مراحل جديدة من مراحل نموه الخلقي. وهكذا كلما تزايدت درجة تعقيد الثقافة فإن هناك احتمالًا أكبر لِأَنْ يواجه الطفل قدرًا أكبر من مواقف الصراع والتناقض, مما يؤدي به إلى أن يعيش عددًا أكبر من مواقف عدم الاتزان، الأمر الذي يستتبعه أن يبذل الطفل عددًا أكبر من محاولات التواؤم بهدف استعادة التوازن، وأن يشهد عددًا أكبر من التغيرات في تركيباته الأخلاقية، وهكذا فإنَّ النمو الخلقي يسير على أساس محاولة الفرد الحفاظ على التوازن بين التمثل والمواءمة, وبسبب التمثل الوظيفي يحاول الفرد ضمّ التفكير الخلقي إلى تركيبه المعرفي وأبنيته المعرفية القائمة، وإذا كان هذا التفكير في مرحلة أعلى فإنه يتصارع في النهاية مع التنظيم العرفي القائم لدى الفرد, وعلى هذا: يحدث عدم التوازن الذي يتطلّب المواءمة, ومن ثَمَّ إعادة التوازن والانتقال إلى مستوى أعلى من التفكير نتيجة لذلك. "Turiel, 1969, 92-131".