أوجه الاختلاف بين النظريات:
1- تركيب النظريات وإطارها المرجعي:
إذا نظرنا إلى النظريات التي تَمَّ اختيارها في هذا الكتاب, والتي انتهينا من عرضها, نجد أن واضعي هذه النظريات ينتمون إلى توجيهات متباينة: دينامية، وسلوكية، ومعرفية، باستثناء نظرية تشومسكي في النمو اللغوي, فإنها تنتمي إلى مجال اللغويات؛ حيث كان صاحبها أحد العلماء اللغويين.
وإذا كانت الخمسينات من ق20 قد شهدت التشيع للتحليل النفسي والمنهج الدينامي في دراسة التشخصية ونموها، فإن هذا المنهج قد بدأ يفقد عرشه في الستينيات لتتربَّع عليه النظرية السلوكية. ومحل جاذبية هذه النظرية "السلوكية" أنها محمَّلة بالمصطلحات العلمية، وتدَّعي أنها مبنية على نظرية التعلُّم وعلى التجارب المعملية "ولو أنَّ طرق التعلم عبارة عن استنتاجات من تجارب أجريت على الحيوانات"، كما أنَّ أنصار السلوكية كانوا مسرفين ومبالغين في التشيع لآرائهم المتعلقة بالنمو وتشكيل السلوك, حتى أن "واطسون" قد نادى في مقولة له: "أعطوني اثني عشر طفلًا سويًّا وأنا أتولى تربيتهم وأخلق منهم أيّ شخصية تشاء: طبيبًا أو مهندسًا أو متسولًا أو لصًّا إن شئت بصرف النظر عن جنس آبائه وأجداده. ومثل ذلك نادى به "سكنر" حيث قال: "أعطى الخصائص أو المواصفات المطلوبة وسوف أعطيك الإنسان", وفي بداية السبعينات بدأ موت علم النفس السلوكي في صورته