عرض المخالفات إجمالاً
كذلك من منهج السلف في حماية العقيدة والدفاع عنها والرد على المخالف: عدم التعرض للمخالفات والبدع على جهة التفصيل، فالسلف من منهجهم إذا عمت البلوى بالشبهة، أو بمقولة فاسدة، أو بالعقيدة، أو البدعة، تصدوا لها، لكن لا يعرضونها تفصيلاً بل إجمالاً؛ لأن العرض التفصيلي يوقع الناس في الإشكال، وبعض الناس لا يميزون، فبعضهم إذا قرأ الشبهات ربما تنقدح في قلبه وعقله ثم لا تخرج، وبعض الناس يعتريهم ضعف العقول وضعف الإيمان وضعف المدارك وغير ذلك مما عليه عامة الناس، فأهل العلم يتميزون بالإدراك أكثر من العامة.
فلذلك لا ينبغي أن كل ما يفهمه العالم يقوله، أو ما تفهمه عن الشبهة وعن صاحب الشبهة تقوله للناس، إنما تأتي بالشبهة والبدعة على وجه الإجمال؛ من أجل التنبيه على أصلها، ثم ترد عليها، وكان السلف يردون عليها بحسب الحال، تارة تفصيلاً إذا اقتضى الأمر التفصيل، وأحياناً إجمالاً إذا اقتضى الأمر الإجمال، والعالم هو الذي يقدر الأمر في ذلك.
ثم لا يتكلمون عن غير الواقع، فالسلف لا يفترضون الشبهات، وليست هذه من عادات السلف أن يفترضوا الحجة للخصم، بل ما احتج به يردونه، وما قاله يذكرونه إجمالاً، لكن لا يفترضون الشبهات، أو الحجة للخصم؛ لأن ذلك يوقع في إشكالات، ثم إنه من التكلف الذي نهى الله عنه.
كما لا يستهدفون إلا المقولة الواقعة فعلاً، إذا شاعت شائعة عند الناس لا ينبغي الاستسلام لها واعتبارها مقولة حتى يتثبت منها، وهذا منهج السلف.