responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : سنن الدارمي - ت الغمري نویسنده : الدارمي، أبو محمد    جلد : 1  صفحه : 217
النَّاسِ بِوَجْهَيْنِ وَلِسَانَيْنِ، وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ مَنْ كَانَ ذَا وَجْهَيْنِ فِي الدُّنْيَا كَانَ ذَا وَجْهَيْنِ فِي النَّارِ, يَلْقَاكَ صَاحِبُ الْغِيبَةِ فَيَغْتَابُ عِنْدَكَ مَنْ يَرَى أَنَّكَ تُحِبُّ غِيبَتَهُ وَيُخَالِفُكَ إِلَى صَاحِبِكَ فَيَأْتِيهِ عَنْكَ بِمِثْلِهِ، فَإِذَا هُوَ قَدْ أَصَابَ عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا حَاجَتَهُ، وَخَفِيَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا مَا أُتِيَ بِهِ عِنْدَ صَاحِبِهِ, حُضُورُهُ عِنْدَ مَنْ حَضَرَهُ حُضُورُ الإِخْوَانِ, وَغَيْبَتُهُ عَلَى مَنْ غَابَ عَنْهُ غَيْبَةُ الأَعْدَاءِ, مَنْ حَضَرَ مِنْهُمْ كَانَتْ لَهُ الأَثَرَةُ، وَمَنْ غَابَ مِنْهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حُرْمَةٌ, يَفْتِنُ مَنْ حَضَرَهُ بِالتَّزْكِيَةِ, وَيَغْتَابُ مَنْ غَابَ عَنْهُ بِالْغِيبَةِ.
فَيَا لِعِبَادَ اللهِ أَمَا فِي الْقَوْمِ مِنْ رَشِيدٍ وَلَا مُصْلِحٍ يَقْمَعُ هَذَا عَنْ مَكِيدَتِهِ وَيَرُدُّهُ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ؟ بَلْ عَرَفَ هَوَاهُمْ فِيمَا مَشَيَ بِهِ إِلَيْهِمْ فَاسْتَمْكَنَ مِنْهُمْ, وَأَمْكَنُوهُ مِنْ حَاجَتِهِ, فَأَكَلَ بِدِينِهِ مَعَ أَدْيَانِهِمْ, فَاللَّهَ اللَّهَ ذُبُّوا عَنْ حُرَمِ أَعْيَانِكُمْ وَكُفُّوا أَلْسِنَتَكُمْ عَنْهُمْ إِلاَّ مِنْ خَيْرٍ, وَنَاصِحُوا اللَّه فِي أُمَّتِكُمْ إِذْ كُنْتُمْ حَمَلَةَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ, فَإِنَّ الْكِتَابَ لَا يَنْطِقُ حَتَّى تَنْطِقُوا بِهِ، وَإِنَّ السُّنَّةَ لَا تَعْمَلُ حَتَّى يُعْمَلَ بِهَا, فَمَتَى يَتَعَلَّمُ الْجَاهِلُ إِذَا سَكَتَ الْعَالِمُ فَلَمْ يُنْكِرْ مَا ظَهَرَ, وَلَمْ يَأْمُرْ بِمَا تُرِكَ؟ {وَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لِيُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا يَكْتُمُونَهُ} الآيةً. اتَّقُوا اللَّهَ فَإِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ رَقَّ فِيهِ الْوَرَعُ, وَقَلَّ فِيهِ الْخُشُوعُ، وَحَمَلَ الْعِلْمَ مُفْسِدُوهُ, فَأَحَبُّوا أَنْ يُعْرَفُوا بِحَمْلِهِ, وَكَرِهُوا أَنْ يُعْرَفُوا بِإِضَاعَتِهِ, فَنَطَقَوا فِيهِ بِالْهَوَى لِمَا أَدْخَلُوا فِيهِ مِنَ الْخَطَأِ, وَحَرَّفُوا الْكَلِمَ عَمَّا تَرَكُوا مِنَ الْحَقِّ إِلَى مَا عَمِلُوا بِهِ مِنْ بَاطِلٍ, فَذُنُوبُهُمْ ذُنُوبٌ لَا يُسْتَغْفَرُ مِنْهَا, وَتَقْصِيرُهُمْ تَقْصِيرٌ لَا يُعْتَرَفُ بِهِ, كَيْفَ يَهْتَدِي الْمُسْتَدِلُّ الْمُسْتَرْشِدُ إِذَا كَانَ الدَّلِيلُ حَائِرًا؟ أَحَبُّوا الدُّنْيَا, وَكَرِهُوا مَنْزِلَةَ أَهْلِهَا فَشَارَكُوهُمْ فِي الْعَيْشِ, وَزَايَلُوهُمْ بِالْقَوْلِ, وَدَافَعُوا بِالْقَوْلِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ أَنْ يُنْسَبُوا إِلَى عَمَلِهِمْ, فَلَمْ يَتَبَرَّؤُوا مِمَّا انْتَفَوْا مِنْهُ, وَلَمْ يَدْخُلُوا فِيمَا نَسَبُوا إِلَيْهِ أَنْفُسَهُمْ, لأَنَّ الْعَامِلَ بِالْحَقِّ مُتَكَلِّمٌ وَإِنْ سَكَتَ, وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: إِنِّي لَسْتُ كُلَّ كَلَامِ الْحَكِيمِ أَتَقَبَّلُ, وَلَكِنِّي أَنْظُرُ إِلَى هَمِّهِ وَهَوَاهُ، إِنْ كَانَ هَمُّهُ وَهَوَاهُ لِي جَعَلْتُ صَمْتَهُ حَمْدًا وَوَقَارًا لِي وَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّمْ، وَقَالَ اللهُ تَعَالَى {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ، ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا} لَمْ يَعْمَلُوا بِهَا {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} كُتُبًا, وَقَالَ: {خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ} الآيةَ , قَالَ: الْعَمَلُ بِمَا فِيهِ. وَلَا تَكْتَفُوا مِنَ السُّنَّةِ بِانْتِحَالِهَا بِالْقَوْلِ دُونَ الْعَمَلِ بِهَا, فَإِنَّ انْتِحَالَ السُّنَّةِ دُونَ الْعَمَلِ بِهَا كَذِبٌ بِالْقَوْلِ مَعَ إِضَاعَةِ

نام کتاب : سنن الدارمي - ت الغمري نویسنده : الدارمي، أبو محمد    جلد : 1  صفحه : 217
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست