responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 184
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِى إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِى إِلَى الْجَنَّةِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِى إِلَى الْفُجُورِ وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِى إِلَى النَّارِ وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا» [1].
وَلِهَذَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (221) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (222)} [الشعراء/221، 222]،وَقَالَ تعالَى: " كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16) [العلق/15 - 17]}.
فَلِهَذَا يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَلِيِّ أَمْرٍ أَنْ يَسْتَعِينَ بِأَهْلِ الصِّدْقِ وَالْعَدْلِ وَإِذَا تَعَذَّرَ ذَلِكَ اسْتَعَانَ بِالْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلِ [2] وَإِنْ كَانَ فِيهِ كَذِبٌ وَظُلْمٌ؛ فَإِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ [3] وَبِأَقْوَامِ لَا خَلَاقَ لَهُمْ [4]،وَالْوَاجِبُ إنَّمَا هُوَ فِعْلُ الْمَقْدُورِ [5].

[1] - صحيح البخاري برقم (6094) وصحيح مسلم برقم (6805) واللفظ له
وفي شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 429)
قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ أَنَّ الصِّدْق يَهْدِي إِلَى الْعَمَل الصَّالِح الْخَالِص مِنْ كُلّ مَذْمُوم، وَالْبِرّ اِسْم جَامِع لِلْخَيْرِ كُلّه. وَقِيلَ: الْبِرّ الْجَنَّة. وَيَجُوز أَنْ يَتَنَاوَل الْعَمَل الصَّالِح وَالْجَنَّة. وَأَمَّا الْكَذِب فَيُوصِل إِلَى الْفُجُور، وَهُوَ الْمَيْل عَنْ الِاسْتِقَامَة، وَقِيلَ؛ الِانْبِعَاث فِي الْمَعَاصِي.
قَوْله - صلى الله عليه وسلم -: (وَإِنَّ الرَّجُل لَيَصْدُق حَتَّى يُكْتَب عِنْد اللَّه صِدِّيقًا، وَإِنَّ الرَّجُل لَيَكْذِب حَتَّى يُكْتَب عِنْد اللَّه كَذَّابًا) وَفِي رِوَايَة (لِيَتَحَرَّى الصِّدْق وَلِيَتَحَرَّى الْكَذِب) وَفِي رِوَايَة (عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّ الصِّدْق يَهْدِي إِلَى الْبِرّ. وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِب) قَالَ الْعُلَمَاء: هَذَا فِيهِ حَثٌّ عَلَى تَحَرِّي الصِّدْق، وَهُوَ قَصْده، وَالِاعْتِنَاء بِهِ، وَعَلَى التَّحْذِير مِنْ الْكَذِب وَالتَّسَاهُل فِيهِ؛ فَإِنَّهُ إِذَا تَسَاهَلَ فِيهِ كَثُرَ مِنْهُ، فَعُرِفَ بِهِ، وَكَتَبَهُ اللَّه لِمُبَالَغَتِهِ صِدِّيقًا إِنْ اِعْتَادَهُ، أَوْ كَذَّابًا إِنْ اِعْتَادَهُ. وَمَعْنَى يُكْتَب هُنَا يُحْكَم لَهُ بِذَلِكَ، وَيَسْتَحِقّ الْوَصْف بِمَنْزِلَةِ الصِّدِّيقِينَ وَثَوَابهمْ، أَوْ صِفَة الْكَذَّابِينَ وَعِقَابهمْ، وَالْمُرَاد إِظْهَار ذَلِكَ لِلْمَخْلُوقِينَ إِمَّا بِأَنْ يَكْتُبهُ فِي ذَلِكَ لِيَشْتَهِر بِحَظِّهِ مِنْ الصِّفَتَيْنِ فِي الْمَلَأ الْأَعْلَى، وَإِمَّا بِأَنْ يُلْقِي ذَلِكَ فِي قُلُوب النَّاس وَأَلْسِنَتهمْ، وَكَمَا يُوضَع لَهُ الْقَبُول وَالْبَغْضَاء وَإِلَّا فَقَدَر اللَّه تَعَالَى وَكِتَابه السَّابِق بِكُلِّ ذَلِكَ. وَاَللَّه أَعْلَم.
[2] - يعني أحسن الموجود في عصره
[3] - ففي صحيح البخارى برقم (4203) عَنِ الزُّهْرِىِّ قَالَ أَخْبَرَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ شَهِدْنَا خَيْبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لِرَجُلٍ مِمَّنْ مَعَهُ يَدَّعِى الإِسْلاَمَ «هَذَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ». فَلَمَّا حَضَرَ الْقِتَالُ قَاتَلَ الرَّجُلُ أَشَدَّ الْقِتَالِ، حَتَّى كَثُرَتْ بِهِ الْجِرَاحَةُ، فَكَادَ بَعْضُ النَّاسِ يَرْتَابُ، فَوَجَدَ الرَّجُلُ أَلَمَ الْجِرَاحَةِ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ إِلَى كِنَانَتِهِ، فَاسْتَخْرَجَ مِنْهَا أَسْهُمًا، فَنَحَرَ بِهَا نَفْسَهُ، فَاشْتَدَّ رِجَالٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَدَّقَ اللَّهُ حَدِيثَكَ، انْتَحَرَ فُلاَنٌ فَقَتَلَ نَفْسَهُ. فَقَالَ «قُمْ يَا فُلاَنُ فَأَذِّنْ أَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلاَّ مُؤْمِنٌ، إِنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ».
[4] - ففي مسند أحمد برقم (20994) عَنْ أَبِى بَكْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ «إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى سَيُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِأَقْوَامٍ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ» وهو صحيح.
[5] - قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (16) سورة التغابن
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 184
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست