responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 201
وَرِبَا النَّسِيئَةِ (1)

= بِالْمُعَاطَاةِ، وَأَمَّا الْمُلَامَسَةُ وَالْمُنَابَذَةُ عِنْدَ مَنْ يَسْتَعْمِلُهُمَا فَلَا يَخُصُّهُمَا بِذَلِكَ، فَعَلَى هَذَا يَجْتَمِعُ بَيْع الْمُعَاطَاة مَعَ الْمُلَامَسَةِ وَالْمُنَابَذَةِ فِي بَعْضِ صُوَر الْمُعَاطَاة، فَلِمَنْ يُجِيزُ بَيْع الْمُعَاطَاة أَنْ يَخُصَّ النَّهْي فِي بَعْضِ صُوَر الْمُلَامَسَة وَالْمُنَابَذَة عَمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ فِيهِ بِالْمُعَاطَاةِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْل الرَّافِعِيّ: إِنَّ الْأَئِمَّةَ أَجْرَوْا فِي بَيْع الْمُلَامَسَة وَالْمُنَابَذَة الْخِلَاف الَّذِي فِي الْمُعَاطَاةِ وَاللَّه أَعْلَمُ. وَمَأْخَذ الثَّالِث شَرْط نَفْي خِيَارِ الْمَجْلِس، وَهَذِهِ الْأَقْوَال هِيَ الَّتِي اِقْتَصَرَ عَلَيْهَا الْفُقَهَاء، وَنُخْرِجُ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ مِنْ طُرُقِ الْحَدِيثِ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ. وَأَمَّا الْمُنَابَذَةُ فَاخْتَلَفُوا فِيهَا أَيْضًا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالِ وَهِيَ أَوْجُهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ أَصَحّهَا: أَنْ يَجْعَلَا نَفْسَ النَّبْذِ بَيْعًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُلَامَسَةِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ، لِلتَّفْسِيرِ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَالثَّانِي أَنْ يَجْعَلَا النَّبْذَ بَيْعًا بِغَيْرِ صِيغَة، وَالثَّالِث أَنْ يَجْعَلَا النَّبْذَ قَاطِعًا لِلْخِيَارِ. وَاخْتَلَفُوا فِي تَفْسِير النَّبْذ فَقِيلَ: هُوَ طَرْح الثَّوْب كَمَا وَقَعَ تَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَقِيلَ هُوَ نَبْذ الْحَصَاة، وَالصَّحِيح أَنَّهُ غَيْرُهُ. وَقَدْ رَوَى مُسْلِم النَّهْي عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة. وَاخْتُلِفَ فِي تَفْسِير بَيْع الْحَصَاةِ فَقِيلَ هُوَ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك مِنْ هَذِهِ الْأَثْوَابِ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْحَصَاةُ وَيَرْمِي حَصَاةً، أَوْ مِنْ هَذِهِ الْأَرْض مَا اِنْتَهَتْ إِلَيْهِ فِي الرَّمْيِ، وَقِيلَ هُوَ أَنْ يَشْتَرِطَ الْخِيَارَ إِلَى أَنْ يَرْمِيَ الْحَصَاةَ، وَالثَّالِث: أَنْ يَجْعَلَا نَفْس الرَّمْيِ بَيْعًا. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ " لَمْسُ الثَّوْبِ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ " اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى بُطْلَانِ بَيْعِ الْغَائِبِ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَة يَصِحُّ مُطْلَقًا وَيَثْبُتُ الْخِيَار إِذَا رَآهُ وَحُكِيَ عَنْ مَالِك وَالشَّافِعِيّ أَيْضًا، وَعَنْ مَالِكٍ يَصِحُّ إِنْ وَصَفَهُ وَإِلَّا فَلَا، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَأَبِي ثَوْر وَأَهْلِ الظَّاهِر، وَاخْتَارَهُ الْبَغَوِيّ وَالرُّويَانِيّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ وَإِنْ اِخْتَلَفُوا فِي تَفَاصِيلِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي رِوَايَة أَبِي عَوَانَة الَّتِي قَدَّمْتُهَا " لَا يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا وَلَا يُخْبِرُونَ عَنْهَا " وَفِي الِاسْتِدْلَالِ لِذَلِكَ وِفَاقًا وَخِلَافًا طُول، وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى بُطْلَانِ بَيْعِ الْأَعْمَى مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ مُعْظَمِ الشَّافِعِيَّةِ حَتَّى مَنْ أَجَازَ مِنْهُمْ بَيْعَ الْغَائِبِ لِكَوْن الْأَعْمَى لَا يَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَكُونُ كَبَيْعِ الْغَائِبِ مَعَ اِشْتِرَاطِ نَفْي الْخِيَار، وَقِيلَ يَصِحُّ إِذَا وَصَفَهُ لَهُ غَيْرُهُ وَبِهِ قَالَ مَالِك وَأَحْمَد، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَة يَصِحُّ مُطْلَقًا عَلَى تَفَاصِيلَ عِنْدَهُمْ أَيْضًا.
(1) - صحيح مسلم برقم (4173) عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى يَزِيدَ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ أَخْبَرَنِى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِنَّمَا الرِّبَا فِى النَّسِيئَةِ».
وفي سنن الترمذى برقم (1286) عَنْ نَافِعٍ قَالَ انْطَلَقْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ إِلَى أَبِى سَعِيدٍ فَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ سَمِعَتْهُ أُذُنَاىَ هَاتَانِ يَقُولُ «لاَ تَبِيعُوا الذَّهَبَ بِالذَّهَبِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَالْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ لاَ يُشَفُّ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ وَلاَ تَبِيعُوا مِنْهُ غَائِبًا بِنَاجِزٍ». قَالَ أَبُو عِيسَى وَفِى الْبَابِ عَنْ أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَأَبِى هُرَيْرَةَ وَهِشَامِ بْنِ عَامِرٍ وَالْبَرَاءِ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَفَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ وَأَبِى بَكْرَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَأَبِى الدَّرْدَاءِ وَبِلاَلٍ. قَالَ وَحَدِيثُ أَبِى سَعِيدٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فِى الرِّبَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَغَيْرِهِمْ إِلاَّ مَا رُوِىَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ لاَ يَرَى بَأْسًا أَنْ يُبَاعَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مُتَفَاضِلاً وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مُتَفَاضِلاً إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ. وَقَالَ إِنَّمَا الرِّبَا فِى النَّسِيئَةِ. وَكَذَلِكَ رُوِىَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ شَىْءٌ مِنْ هَذَا وَقَدْ رُوِىَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ حِينَ حَدَّثَهُ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِىُّ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -. وَالْقَوْلُ الأَوَّلُ أَصَحُّ. وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِىِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِىِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ. وَرُوِىَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ فِى الصَّرْفِ اخْتِلاَفٌ.
و في تحفة الأحوذي - (ج 3 / ص 342)
(وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَغَيْرِهِمْ إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ إِلَخْ) اِعْلَمْ أَنَّ بَيْعَ الصَّرْفِ لَهُ شَرْطَانِ، مَنْعُ النَّسِيئَةِ مَعَ اِتِّفَاقِ النَّوْعِ وَاخْتِلَافِهِ وَهُوَ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ، وَمَنْعُ التَّفَاضُلِ فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ مِنْهُمَا وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَخَالَفَ فِيهِ اِبْنُ عُمَرَ ثُمَّ رَجَعَ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَاخْتُلِفَ فِي رُجُوعِهِ وَقَدْ رَوَى الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ حَيَّانَ الْعَدَوِيِّ سَأَلْت أَبَا مِجْلَزٍ عَنْ الصَّرْفِ فَقَالَ: كَانَ اِبْنُ عَبَّاسٍ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا زَمَانًا مِنْ عُمُرِهِ مَا كَانَ مِنْهُ عَيْنًا بِعَيْنٍ يَدًا بِيَدٍ. وَكَانَ يَقُولُ: إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ. فَلَقِيَهُ أَبُو سَعِيدٍ فَذَكَرَ الْقِصَّةَ وَالْحَدِيثَ وَفِيهِ: التَّمْرُ بِالتَّمْرِ وَالْحِنْطَةُ بِالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ وَالذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ يَدًا بِيَدٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ فَمَنْ زَادَ فَهُوَ رِبًا. فَقَالَ اِبْنُ عَبَّاسٍ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ. فَكَانَ يَنْهَى عَنْهُ أَشَدَّ النَّهْيِ. كَذَا قَالَ الْحَافِظُ فِي فَتْحِ الْبَارِي. فَإِنْ قُلْتَ فَمَا وَجْهُ التَّوْفِيقِ بَيْنَ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ وَبَيْنَ حَدِيثِ أُسَامَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ:" لَا رِبَا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ ". أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا: قُلْتُ: اِخْتَلَفُوا فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فَقِيلَ: إِنَّ حَدِيثَ أُسَامَةَ مَنْسُوخٌ لَكِنَّ النَّسْخَ لَا يَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ. وَقِيلَ: الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: لَا رِبَا؛ الرِّبَا الْأَغْلَظُ الشَّدِيدُ التَّحْرِيمِ الْمُتَوَعَّدُ عَلَيْهِ بِالْعِقَابِ الشَّدِيدِ كَمَا تَقُولُ الْعَرَبُ: لَا عَالِمَ فِي الْبَلَدِ إِلَّا زَيْدٌ. مَعَ أَنَّ فِيهَا عُلَمَاءَ غَيْرَهُ وَإِنَّمَا الْقَصْدُ نَفْيُ الْأَكْمَلِ لَا نَفْيُ الْأَصْلِ. وَأَيْضًا فَنَفْيُ تَحْرِيمِ رِبَا الْفَضْلِ مِنْ حَدِيثِ أُسَامَةَ إِنَّمَا هُوَ بِالْمَفْهُومِ فَيُقَدَّمُ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ لِأَنَّ دَلَالَتَهُ بِالْمَنْطُوقِ، وَيُحْمَلُ حَدِيثُ أُسَامَةَ عَلَى الرِّبَا الْأَكْبَرِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: مَعْنَى حَدِيثِ أُسَامَةَ لَا رِبَا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ إِذَا اِخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُ الْبَيْعِ وَالْفَضْلُ فِيهِ يَدًا بِيَدٍ رِبَا، جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ.
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 201
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست