responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 208
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال المهلب: هذا الحديث أصل فى الرد بالعيب والدلسة؛ لأن اللبن إذا حبس فى ضرعها أيامًا فلم تحلب، ظن المشترى أنها هكذا كل يوم، فاغتر به، وقد روى أبو الضحى عن مسروق قال ابن مسعود: «أشهد على الصادق المصدوق أبى القاسم صلى الله عليه أنه قال: بيع المحفلات خلابة، ولا تحل خلابة مسلم»،وقال بحديث المصراة جمهور العلماء، منهم: ابن أبى ليلى ومالك والليث وأبو يوسف والشافعى وأحمد وإسحاق وأبو ثور، قالوا: إذا بان لمشتريها أنها مصراة ردها بعد الثلاث، ورد معها صاعًا من تمر، ورد أبو حنيفة ومحمد الحديث وقالا: ليس له أن يردها بالعيب، ولكنه يرجع على البائع بنقصان العيب، قالوا: لأنه لو ابتاع شيئًا به عيب فإنما يأخذ الأرش ولا خيار له فى الرد البتة، ألا ترى لو ابتاع عبدًا فقطعت يده عند المشترى، ثم ظهر على عيب كان عند البائع لم يكن له رد العبد، وإنما يأخذ الأرش بقدر العيب. وزعموا أن حديث المصراة منسوخ بحديث الغلة بالضمان، قالوا: ومعلوم أن اللبن المحلوب فى المرة الأولى هو لبن التصرية، وقد خالطه جزء من اللبن الحادث فى ملك المبتاع، وكذلك المرة الثانية والثالثة غلة طارئة فى ملك المشترى، فكيف يرد له شيئًا؟ قالوا: فالأصول المجتمع عليها فى المستهلكات أنها لا تضمن إلا بالمثل أو بالقيمة من الذهب أو الورق، فكيف يجوز أن يضمن لبن التصرية الذى هو فى ملك البائع فى حين البيع بصاع تمر فات عند المشترى أو لم يفت، وقد وقعت عليه الصفقة كما وقعت على الشاة، فيكون صاعًا دينًا بلبن دين، وهذا يبين أن حديث المصراة منسوخ بتحريم الرباء؛ لأن النبى - عليه السلام - جعل الطعام بالطعام ربًا إلا هاء وهاء.
قال المهلب: وما ادعوه من نسخ حديث المصراة فباطل، والصاع المردود إنما هو عبادة، وتحلل من اللبن الذى صرى الذى وقعت عليه الصفقة، وما حدث بعده من اللبن فهو للمشترى بالضمان، ولبن التصرية لم يبعه صاحب الشاة على أنه مصرى، وإنما باعه على أنه غلة حادثة فى الحلاب، فليس له فى الحقيقة رجوع بقيمته، ولا أخذ عوض فيه؛ لأنه لم تكن نيته عند البيع أن يأخذ فيه عوضًا، ولا أنه مبيع، فلما ظهر العيب بالاختبار علم أنه عين قائمة باعه مع الشاة على أنه غلة وهو غيرها، فأمر بالصاع على وجه التحلل.
قال غيره: وأجمع العلماء على أنه إذا ردها بعيب التصرية لم يرد اللبن الحادث فى ملكه، ولم يجز أن يرد لبنا مثل لبن التصرية، لأنه لا يعلم مقداره، وإذا لم يعلم ذلك دخله بيع اللبن باللبن متفاضلا والى أجل، وذلك لا يجوز، ولما كان لبن التصرية مغيبًا لا يعلم مقداره، لأن لبن ناقة أو بقرة أكثر من لبن شاة، وأمكن التداعى فى قيمته، قطع النبى الخصومة فى ذلك بما حده من الصاع، كما فعل فى دية الجنين، قطع فيه بالغرة حسمًا لتداعى الموت فيه والحياة، لأن الجنين لما أمكن أن يكون حيا فى حين ضرب بطن أمه، فتكون فيه دية كاملة، وأمكن أن يكون ميتًا فلا تكون فيه دية كاملة، قطع النبى - عليه السلام - التنازع والخصام بأن جعل فيه غرة عبدًا أو أمة وفى اتفاق العلماء على القول بدية الجنين دليل على أن لزوم القول بحديث المصراة اتباعًا للسنة وتسليمًا لها، ومما يشهد لصحة هذا التأويل أنها لو كانت عشر شياه أو أكثر لما رد معها إلا صاعًا واحداُ كما يرد عن الواحدة فثبت أنه ليس على سبيل القيمة والمماثلة، وإنما هو على سبيل التحليل.
قال ابن القصار: وأما قولهم فى العبد تقطع يده عند المشترى ثم يظهر على عيب أنه لا يرده، ويأخذ أرش العيب. فمذهب مالك أن المشترى بالخيار فى أن يتمسك ويأخذ أرش العيب الذى كان عند البائع، أو يرده ومعه أرش العيب الذى عنده، وهذا أصلنا، ولا يمنع حدوث العيب من الرد، كما لو اشترى العدل من المتاع ثم نشره له، ثم ظهر على عيب أنه يرده كله وكذلك يرد البيضة إذا كسرت وفيها العيب، ولو اشترى عبدين من رجل فمات أحدهما، ووجد بالآخر عيبًا فإنه يرد العبد الباقى، ومع هذا فإنه قد دخل النقص فى المبيع بموت الآخر.
وقولهم: إن التمر ليس من جنس اللبن. فنقول: إن الأصول على ضربين: مضمون بالمثل، ومضمون بالقيمة، ثم لما جاز أن يكون المضمون بالقيمة غير مضمون بالقيمة فى موضع، كذلك يجوز أن يكون المضمون بالمثل غير مضمون بجنسه، ألا ترى أن الجنين فيه غرة عبد أو أمة، وليست مثلا له ولا قيمة، وأيضاُ فإن الشىء المكيل لا يكون مضمونا بالمثل والجنس إلا فى المواضع التى يمكن اعتبار ذلك فيها فأما الموضع الذى لا يمكن اعتبار مثله، فإنه يجوز أن يضمن بغير مثله، ألا ترى أننا قد اتفقنا على أن اللبن المضمون بمثله إذا تلف عليه فى وعاء أنه يمكن اعتبار المثل فيه، ثم لو أتلف عليه شاة لبونًا جعلنا بإزاء ذلك اللبن الذى أتلف فى ضرعها زيادة قيمة فيها، ولم يضمنه بالمثل إذ لا يمكن اعتباره.
قال غيره: فى حديث المصراة دلالة على أن من اشترى نخلا وفيها نخل قد أبر، أو أمة حاملا، فأكل التمر أو هلك الابن ثم رد النخل أو الأمة بعيب، أنه يرد قيمة المبيع معها، لأنه قد وقع له حصة من الثمن، كما فعل النبى بالمصراة، وهو قول ابن القاسم، وخالفه أشهب فى التمرة، وقال: التمرة للمشترى بالضمان، وقول ابن القاسم يشهد له الحديث.
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 208
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست