responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 302
فَأَمَّا إذَا قُدِّرَ أَنَّ قَوْمًا اُضْطُرُّوا إلَى سُكْنَى فِي بَيْتِ إنْسَانٍ إذَا لَمْ يَجِدُوا مَكَانًا يَأْوُونَ إلَيْهِ إلَّا ذَلِكَ الْبَيْتَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُسَكِّنَهُمْ.
وَكَذَلِكَ لَوْ احْتَاجُوا إلَى أَنْ يُعِيرَهُمْ ثِيَابًا يَسْتَدْفِئُونَ بِهَا مِنْ الْبَرْدِ؛ أَوْ إلَى آلَاتٍ يَطْبُخُونَ بِهَا؛ أَوْ يَبْنُونَ أَوْ يَسْقُونَ: يَبْذُلُ هَذَا مَجَّانًا.
وَإِذَا احْتَاجُوا إلَى أَنْ يُعِيرَهُمْ دَلْوًا يَسْتَقُونَ بِهِ؛ أَوْ قِدْرًا يَطْبُخُونَ فِيهَا؛ أَوْ فَأْسًا يَحْفِرُونَ بِهِ: فَهَلْ عَلَيْهِ بَذْلُهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لَا بِزِيَادَةِ؟.
فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ. وَالصَّحِيحُ وُجُوبُ بَذْلِ ذَلِكَ مَجَّانًا إذَا كَانَ صَاحِبُهَا مُسْتَغْنِيًا عَنْ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ وَعِوَضِهَا [1]؛ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)} [2]، وَفِي السُّنَنِ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: {كُنَّا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، نَتَحَدَّثُ أَنَّ الْمَاعُونَ: الدَّلْوُ، وَالْقِدْرُ، وَالْفَأْسُ لا يُسْتَغْنَى عَنْهُ"ْ} [3].

[1] - صحيح مسلم (4614) عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ فِى سَفَرٍ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ قَالَ فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالاً فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ ظَهْرَ لَهُ وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لاَ زَادَ لَهُ». قَالَ فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لاَ حَقَّ لأَحَدٍ مِنَّا فِى فَضْلٍ. = الظهر: الإبل
وفي شرح النووي على مسلم - (ج 6 / ص 166)
فِي هَذَا الْحَدِيث: الْحَثّ عَلَى الصَّدَقَة وَالْجُود وَالْمُوَاسَاة وَالْإِحْسَان إِلَى الرُّفْقَة وَالْأَصْحَاب، وَالِاعْتِنَاء بِمَصَالِح الْأَصْحَاب، وَأَمْر كَبِير الْقَوْم أَصْحَابه بِمُوَاسَاتِ الْمُحْتَاج، وَأَنَّهُ يُكْتَفَى فِي حَاجَة الْمُحْتَاج بِتَعَرُّضِهِ لِلْعَطَاءِ، وَتَعْرِيضه مِنْ غَيْر سُؤَال، وَهَذَا مَعْنَى قَوْله (فَجَعَلَ يَصْرِف بَصَره) أَيْ: مُتَعَرِّضًا لِشَيْءٍ يَدْفَع بِهِ حَاجَته.
وَفِيهِ: مُوَاسَاة اِبْن السَّبِيل، وَالصَّدَقَة عَلَيْهِ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا، وَإِنْ كَانَ لَهُ رَاحِلَة، وَعَلَيْهِ ثِيَاب، أَوْ كَانَ مُوسِرًا فِي وَطَنه، وَلِهَذَا يُعْطَى مِنْ الزَّكَاة فِي هَذِهِ الْحَال. وَاللَّهُ أَعْلَم.
[2] - إن هذا الدين ليس دين مظاهر وطقوس ; ولا تغني فيه مظاهر العبادات والشعائر , ما لم تكن صادرة عن إخلاص لله وتجرد , مؤدية بسبب هذا الإخلاص إلى آثار في القلب تدفع إلى العمل الصالح , وتتمثل في سلوك تصلح به حياة الناس في هذه الأرض وترقى.
كذلك ليس هذا الدين أجزاء وتفاريق موزعة منفصلة , يؤدي منها الإنسان ما يشاء , ويدع منها ما يشاء. . إنما هو منهج متكامل , تتعاون عباداته وشعائره , وتكاليفه الفردية والاجتماعية , حيث تنتهي كلها إلى غاية تعودكلها على البشر. . غاية تتطهر معها القلوب , وتصلح للحياة , ويتعاون الناس ويتكافلون في الخير والصلاح والنماء. . وتتمثل فيها رحمة الله السابغة بالعباد.
ولقد يقول الإنسان بلسانه: إنه مسلم وإنه مصدق بهذا الدين وقضاياه. وقد يصلي , وقد يؤدي شعائر أخرى غير الصلاة ولكن حقيقة الإيمان وحقيقة التصديق بالدين تظل بعيدة عنه ويظل بعيدا عنها , لأن لهذه الحقيقة علامات تدل على وجودها وتحققها. وما لم توجد هذه العلامات فلا إيمان ولا تصديق مهما قال اللسان , ومهما تعبد الإنسان!
إنهم أولئك الذين يصلون، ولكنهم لا يقيمون الصلاة. الذين يؤدون حركات الصلاة، وينطقون بأدعيتها، ولكن قلوبهم لا تعيش معها، ولا تعيش بها، وأرواحهم لا تستحضر حقيقة الصلاة وحقيقة ما فيها من قراءات ودعوات وتسبيحات. إنهم يصلون رياء الناس لا إخلاصاً لله. ومن ثم هم ساهون عن صلاتهم وهم يؤدونها. ساهون عنها لم يقيموها. والمطلوب هو إقامة الصلاة لا مجرد أدائها. وإقامتها لا تكون إلا باستحضار حقيقتها والقيام لله وحده بها.
ومن هنا لا تنشئ الصلاة آثارها في نفوس هؤلاء المصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون. فهم يمنعون الماعون. يمنعون المعونة والبر والخير عن إخوانهم في البشرية. يمنعون الماعون عن عباد الله. ولو كانوا يقيمون الصلاة حقاً لله ما منعوا العون عن عباده، فهذا هو محك العبادة الصادقة المقبولة عند الله. .
وهكذا نجد أنفسنا مرة أخرى أمام حقيقة هذه العقيدة، وأمام طبيعة هذا الدين. ونجد نصاً قرآنياً ينذر مصلين بالويل. لأنهم لم يقيموا الصلاة حقاً. إنما أدوا حركات لا روح فيها. ولم يتجردوا لله فيها. إنما أدوها رياء.
ولم تترك الصلاة أثرها في قلوبهم وأعمالهم فهي إذن هباء. بل هي إذن معصية تنتظر سوء الجزاء!
وننظر من وراء هذه وتلك إلى حقيقة ما يريده الله من العباد، حين يبعث إليهم برسالاته ليؤمنوا به وليعبدوه. .
إنه لا يريد منهم شيئاً لذاته سبحانه فهو الغني إنما يريد صلاحهم هم أنفسهم. يريد الخير لهم. يريد طهارة قلوبهم ويريد سعادة حياتهم. يريد لهم حياة رفيعة قائمة على الشعور النظيف، والتكافل الجميل، والأريحية الكريمة والحب والإخاء ونظافة القلب والسلوك. في فأين تذهب البشرية بعيداً عن هذا الخير؟ وهذه الرحمة؟ وهذا المرتقى الجميل الرفيع الكريم؟ أين تذهب لتخبط في متاهات الجاهلية المظلمة النكدة وأمامها هذا النور في مفرق الطريق؟ ظلال القرآن - (ج 2 / ص 31)
[3] - تفسير مجاهد برقم (2092) والمعجم الكبير للطبراني - (ج 8 / ص 130) برقم (8917) وهو صحيح
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 302
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست