مدرسه فقاهت
کتابخانه مدرسه فقاهت
کتابخانه تصویری (اصلی)
کتابخانه اهل سنت
کتابخانه تصویری (اهل سنت)
ویکی فقه
ویکی پرسش
العربیة
راهنمای کتابخانه
جستجوی پیشرفته
همه کتابخانه ها
صفحهاصلی
علوم القرآن
الفقه
علوم الحديث
الآدب
العقيدة
التاریخ و السیرة
الرقاق والآداب والأذكار
الدعوة وأحوال المسلمين
الجوامع والمجلات ونحوها
الأشخاص
علوم أخرى
فهارس الكتب والأدلة
مرقم آلیا
همهگروهها
نویسندگان
الجدید
القدیم
همهگروهها
نویسندگان
كتب الألباني
كتب ابن تيمية
كتب ابن القيم
كتب ابن أبي الدنيا
همهگروهها
نویسندگان
مدرسه فقاهت
کتابخانه مدرسه فقاهت
کتابخانه تصویری (اصلی)
کتابخانه اهل سنت
کتابخانه تصویری (اهل سنت)
ویکی فقه
ویکی پرسش
فرمت PDF
شناسنامه
فهرست
««صفحهاول
«صفحهقبلی
جلد :
1
صفحهبعدی»
صفحهآخر»»
««اول
«قبلی
جلد :
1
بعدی»
آخر»»
نام کتاب :
الحسبة لابن تيمية - ت الشحود
نویسنده :
ابن تيمية
جلد :
1
صفحه :
306
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وَمَنْ جَوَّزَ لَهُ أَخْذَ الْأُجْرَةِ حَرَّمَ عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ زِيَادَةً عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ.
قَالَ شَيْخُنَا: وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ بَذْلُ ذَلِكَ مَجَّانًا، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، قَالَ تَعَالَى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ: " هُوَ إعَارَةُ الْقِدْرِ وَالدَّلْوِ وَالْفَأْسِ وَنَحْوِهِمْ ".
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَذَكَرَ الْخَيْلَ - قَالَ: {هِيَ لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ أَجْرٌ: فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَمَّا الَّذِي هِيَ لَهُ سِتْرٌ: فَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا، وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللَّهِ فِي رِقَابِهَا، وَلَا فِي ظُهُورِهَا}.
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْهُ أَيْضًا: {مِنْ حَقِّ الْإِبِلِ: إعَارَةُ دَلْوِهَا، وَإِطْرَاقُ فَحْلِهَا}.
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْهُ: {أَنَّهُ نَهَى عَنْ عَسْبِ الْفَحْلِ} أَيْ عَنْ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ، وَالنَّاسُ يَحْتَاجُونَ إلَيْهِ، فَأَوْجَبَ بَذْلَهُ مَجَّانًا، وَمَنَعَ مِنْ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ.
وَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: {لَا يَمْنَعَنَّ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي جِدَارِهِ}.
وَلَوْ احْتَاجَ إلَى إجْرَاءِ مَائِهِ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ، مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ، فَهَلْ يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ؟
رِوَايَتَانِ عَنْ أَحْمَدَ، وَالْإِجْبَارُ: قَوْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.
وَقَدْ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ: " إنَّ زَكَاةَ الْحُلِيِّ عَارِيَّتُهُ، فَإِذَا لَمْ يُعِرْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ زَكَاتِهِ "، وَهَذَا وَجْهٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ.
قُلْتُ: وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَإِنَّهُ لَا يَخْلُو الْحُلِيُّ مِنْ زَكَاةٍ أَوْ عَارِيَّةٍ.
وَالْمَنَافِعُ الَّتِي يَجِبُ بَذْلُهَا نَوْعَانِ، مِنْهَا: مَا هُوَ حَقُّ الْمَالِ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي الْخَيْلِ، وَالْإِبِلِ، وَالْحُلِيِّ، وَمِنْهَا: مَا يَجِبُ لِحَاجَةِ النَّاسِ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّ بَذْلَ مَنَافِعِ الْبَدَنِ تَجِبُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، كَتَعْلِيمِ الْعِلْمِ، وَإِفْتَاءِ النَّاسِ، وَالْحُكْمِ بَيْنَهُمْ، وَأَدَاءِ الشَّهَادَةِ، وَالْجِهَادِ، وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَنَافِعِ الْأَبْدَانِ.
وَكَذَلِكَ مَنْ أَمْكَنَهُ إنْجَاءُ إنْسَانٍ مِنْ مَهْلَكَةٍ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُخَلِّصَهُ، فَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ - مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ - أَثِمَ وَضَمِنَهُ.
فَلَا يَمْتَنِعُ وُجُوبُ بَذْلِ مَنَافِعِ الْأَمْوَالِ لِلْمُحْتَاجِ، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إذَا مَا دُعُوا} وَقَالَ: {وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ} وَلِلْفُقَهَاءِ فِي أَخْذِ الْجُعْلِ عَلَى الشَّهَادَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، وَهِيَ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَ الْحَاجَةِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ.
وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ يَجُوزُ، فَإِنْ أَخَذَهُ عِنْدَ التَّحَمُّلِ لَمْ يَأْخُذْهُ عِنْدَ الْأَدَاءِ.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ مَا قَدَّرَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ الثَّمَنِ فِي سِرَايَةِ الْعِتْقِ: هُوَ لِأَجْلِ تَكْمِيلِ الْحُرِّيَّةِ، وَهُوَ حَقُّ اللَّهِ، وَمَا احْتَاجَ إلَيْهِ النَّاسُ، حَاجَةً عَامَّةً، فَالْحَقُّ فِيهِ لِلَّهِ، وَذَلِكَ فِي الْحُقُوقِ وَالْحُدُودِ.
فَأَمَّا الْحُقُوقُ: فَمِثْلُ حُقُوقِ الْمَسَاجِدِ وَمَالِ الْفَيْءِ وَالْوَقْفِ عَلَى أَهْلِ الْحَاجَاتِ وَأَمْوَالِ الصَّدَقَاتِ، وَالْمَنَافِعِ الْعَامَّةِ.
وَأَمَّا الْحُدُودُ: فَمِثْلُ حَدِّ الْمُحَارَبَةِ، وَالسَّرِقَةِ، وَالزِّنَا، وَشُرْبِ الْخَمْرِ الْمُسْكِرِ.
وَحَاجَةُ الْمُسْلِمِينَ إلَى الطَّعَامِ وَاللِّبَاسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ: مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ، لَيْسَ الْحَقُّ فِيهَا لِوَاحِدٍ بِعَيْنِهِ، فَتَقْدِيرُ الثَّمَنِ فِيهَا بِثَمَنِ الْمِثْلِ عَلَى مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ أَوْلَى مِنْ تَقْدِيرِهِ لِتَكْمِيلِ الْحُرِّيَّةِ، لَكِنَّ تَكْمِيلَ الْحُرِّيَّةِ وَجَبَ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُعْتَقِ، وَلَوْ لَمْ يُقَدَّرْ فِيهَا الثَّمَنُ لَتَضَرَّرَ بِطَلَبِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ، فَإِنَّهُ يَطْلُبُ مَا شَاءَ، وَهُنَا عُمُومُ النَّاسِ يَشْتَرُونَ الطَّعَامَ وَالثِّيَابَ لِأَنْفُسِهِمْ وَغَيْرِهِمْ، فَلَوْ مُكِّنَ مَنْ عِنْدَهُ سِلَعٌ يَحْتَاجُ النَّاسُ إلَيْهَا أَنْ يَبِيعَ بِمَا شَاءَ: كَانَ ضَرَرُ النَّاسِ أَعْظَمَ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ: إذَا اُضْطُرَّ الْإِنْسَانُ إلَى طَعَامِ الْغَيْرِ: وَجَبَ عَلَيْهِ بَذْلُهُ لَهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ.
وَأَبْعَدُ الْأَئِمَّةِ عَنْ إيجَابِ الْمُعَاوَضَةِ وَتَقْدِيرِهَا هُوَ الشَّافِعِيُّ: وَمَعَ هَذَا فَإِنَّهُ يُوجِبُ عَلَى مَنْ اُضْطُرَّ الْإِنْسَانُ إلَى طَعَامِهِ: أَنْ يَبْذُلَهُ لَهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ، وَتَنَازَعَ أَصْحَابُهُ فِي جَوَازِ تَسْعِيرِ الطَّعَامِ، إذَا كَانَ بِالنَّاسِ إلَيْهِ حَاجَةٌ، وَلَهُمْ فِيهِ وَجْهَانِ.
وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ: لَا يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُسَعِّرَ عَلَى النَّاسِ، إلَّا إذَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ ضَرَرِ الْعَامَّةِ، فَإِذَا رُفِعَ إلَى الْقَاضِي: أَمَرَ الْمُحْتَكِرَ بِبَيْعِ مَا فَضَلَ مِنْ قُوتِهِ وَقُوتِ أَهْلِهِ، عَلَى اعْتِبَارِ السِّعْرِ فِي ذَلِكَ، وَنَهَاهُ عَنْ الِاحْتِكَارِ، فَإِنْ أَبَى حَبَسَهُ وَعَزَّرَهُ عَلَى مُقْتَضَى رَأْيِهِ، زَجْرًا لَهُ، وَدَفْعًا لِلضَّرَرِ عَنْ النَّاسِ.
قَالُوا: فَإِنْ تَعَدَّى أَرْبَابُ الطَّعَامِ، وَتَجَاوَزُوا الْقِيمَةَ تَعَدِّيًا فَاحِشًا، وَعَجَزَ الْقَاضِي عَنْ صِيَانَةِ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ إلَّا بِالتَّسْعِيرِ: سَعَّرَهُ حِينَئِذٍ بِمَشُورَةِ أَهْلِ الرَّأْيِ وَالْبَصِيرَةِ.
وَهَذَا عَلَى أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ ظَاهِرٌ، حَيْثُ لَا يَرَى الْحَجْرَ عَلَى الْحُرِّ.
وَمَنْ بَاعَ مِنْهُمْ بِمَا قَدَّرَهُ الْإِمَامُ: صَحَّ، لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكْرَهٍ عَلَيْهِ.
قَالُوا: وَهَلْ يَبِيعُ الْقَاضِي عَلَى الْمُحْتَكِرِ طَعَامَهُ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ؟ عَلَى الْخِلَافِ الْمَعْرُوفِ فِي بَيْعِ مَالِ الدَّيْنِ، وَقِيلَ: يَبِيعُ هَاهُنَا بِالِاتِّفَاقِ، لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يَرَى الْحَجْرَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ الْعَامِّ، وَالسِّعْرُ لَمَّا غَلَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَطَلَبُوا مِنْهُ التَّسْعِيرَ فَامْتَنَعَ، لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ كَانَ هُنَاكَ مَنْ عِنْدَهُ طَعَامٌ امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ، بَلْ عَامَّةُ مَنْ كَانَ يَبِيعُ الطَّعَامَ إنَّمَا هُمْ جَالِبُونَ يَبِيعُونَهُ إذَا هَبَطُوا السُّوقَ، وَلَكِنْ {نَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ} أَيْ أَنْ يَكُونَ لَهُ سِمْسَارٌ.
وَقَالَ: {دَعُوا النَّاسَ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ} فَنَهَى الْحَاضِرَ الْعَالَمَ بِالسِّعْرِ أَنْ يَتَوَكَّلَ لِلْبَادِي الْجَالِبِ لِلسِّلْعَةِ، لِأَنَّهُ إذَا تَوَكَّلَ لَهُ - مَعَ خِبْرَتِهِ بِحَاجَةِ النَّاسِ - أَغْلَى الثَّمَنَ عَلَى الْمُشْتَرِي فَنَهَاهُ عَنْ التَّوَكُّلِ لَهُ، مَعَ أَنَّ جِنْسَ الْوَكَالَةِ مُبَاحٌ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ زِيَادَةِ السِّعْرِ عَلَى النَّاسِ، وَنَهَى عَنْ تَلَقِّي الْجَلْبِ، وَجَعَلَ لِلْبَائِعِ إذَا هَبَطَ السُّوقَ الْخِيَارَ؛ وَلِهَذَا كَانَ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّهُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ ضُرِّ الْبَائِعِ هُنَا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ عَرَفَ السِّعْرَ، وَتَلَقَّاهُ الْمُتَلَقِّي قَبْلَ إتْيَانِهِ إلَى السُّوقِ اشْتَرَاهُ الْمُشْتَرِي بِدُونِ ثَمَنِ الْمِثْلِ فَغَبَنَهُ، فَأَثْبَتَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِهَذَا الْبَائِعِ الْخِيَارَ.
ثُمَّ فِيهِ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَتَانِ كَمَا تَقَدَّمَ، إحْدَاهُمَا: أَنَّ الْخِيَارَ يَثْبُتُ لَهُ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ غَبَنَ أَمْ لَمْ يَغْبِنْ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ
وَالثَّانِيَةُ: أَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ عِنْدَ الْغَبْنِ، وَهِيَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ نَهَى عَنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَرَرِ الْمُشْتَرِي إذَا تَلَقَّاهُ الْمُتَلَقِّي، فَاشْتَرَى مِنْهُ، ثُمَّ بَاعَهُ وَفِي الْجُمْلَةِ: فَقَدْ نَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ الَّذِي جِنْسُهُ حَلَالٌ، حَتَّى يَعْلَمَ الْبَائِعُ بِالسِّعْرِ، وَهُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ، وَيَعْلَمَ الْمُشْتَرِي بِالسِّلْعَةِ.
وَصَاحِبُ الْقِيَاسِ الْفَاسِدِ يَقُولُ: لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَشْتَرِيَ حَيْثُ شَاءَ، وَقَدْ اشْتَرَى مِنْ الْبَائِعِ، كَمَا يَقُولُ: فَلَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ لِلْبَائِعِ الْحَاضِرِ وَغَيْرِ الْحَاضِرِ، وَلَكِنَّ الشَّارِعَ رَاعَى الْمَصْلَحَةَ الْعَامَّةَ، فَإِنَّ الْجَالِبَ إذَا لَمْ يَعْرِفْ السِّعْرَ كَانَ جَاهِلًا بِثَمَنِ الْمِثْلِ، فَيَكُونُ الْمُشْتَرِي غَارًّا لَهُ.
وَأَلْحَقَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ بِذَلِكَ كُلَّ مُسْتَرْسِلٍ، فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْجَالِبِ الْجَاهِلِ بِالسِّعْرِ.
فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ: أَلَّا يَبِيعَ مِثْلَ هَؤُلَاءِ إلَّا بِالسِّعْرِ الْمَعْرُوفِ، وَهُوَ ثَمَنُ الْمِثْلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُحْتَاجِينَ إلَى الِابْتِيَاعِ مِنْهُ، لَكِنْ لِكَوْنِهِمْ جَاهِلِينَ بِالْقِيمَةِ، أَوْ غَيْرَ مُمَاكِسِينَ، وَالْبَيْعُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الرِّضَا، وَالرِّضَا يَتْبَعُ الْعِلْمَ، وَمَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ غَبْنٌ فَقَدْ يَرْضَى، وَقَدْ لَا يَرْضَى، فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ غَبْنٌ وَرَضِيَ، فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
وَفِي " السُّنَنِ ": {أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ لَهُ شَجَرَةٌ فِي أَرْضِ غَيْرِهِ، وَكَانَ صَاحِبُ الْأَرْضِ يَتَضَرَّرُ بِدُخُولِ صَاحِبِ الشَّجَرَةِ، فَشَكَا ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَمَرَهُ أَنْ يَقْبَلَ بَدَلَهَا، أَوْ يَتَبَرَّعَ لَهُ بِهَا، فَلَمْ يَفْعَلْ، فَأَذِنَ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَقْلَعَهَا، وَقَالَ لِصَاحِبِ الشَّجَرَةِ: إنَّمَا أَنْتَ مُضَارٌّ}.
وَصَاحِبُ الْقِيَاسِ الْفَاسِدِ يَقُولُ: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ شَجَرَتَهُ، وَلَا يَتَبَرَّعُ بِهَا، وَلَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْأَرْضِ أَنْ يَقْلَعَهَا، لِأَنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَإِجْبَارٌ عَلَى الْمُعَاوَضَةِ عَلَيْهِ، وَصَاحِبُ الشَّرْعِ أَوْجَبَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَتَبَرَّعْ بِهَا أَنْ يَبِيعَهَا، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ مَصْلَحَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ بِخَلَاصِهِ مِنْ تَأَذِّيه بِدُخُولِ صَاحِبِ الشَّجَرَةِ، وَمَصْلَحَةِ صَاحِبِ الشَّجَرَةِ بِأَخْذِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ يَسِيرٌ، فَضَرَرُ صَاحِبِ الْأَرْضِ بِبَقَائِهَا فِي بُسْتَانِهِ أَعْظَمُ، فَإِنَّ الشَّارِعَ الْحَكِيمَ يَدْفَعُ أَعْظَمَ الضَّرَرَيْنِ بِأَيْسَرِهِمَا، فَهَذَا هُوَ الْفِقْهُ وَالْقِيَاسُ وَالْمَصْلَحَةُ، وَإِنْ أَبَاهُ مَنْ أَبَاهُ.
وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ هَذَا دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ الْبَيْعِ عِنْدَ حَاجَةِ الْمُشْتَرِي، وَأَيْنَ هَذَا مِنْ حَاجَةِ عُمُومِ النَّاسِ إلَى الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ؟ وَالْحُكْمُ فِي الْمُعَاوَضَةِ عَلَى الْمَنَافِعِ إذَا احْتَاجَ النَّاسُ إلَيْهَا - كَمَنَافِعِ الدُّورِ، وَالطَّحْنِ، وَالْخَبْزِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ - حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ عَلَى الْأَعْيَانِ.
وَجِمَاعُ الْأَمْرِ: أَنَّ مَصْلَحَةَ النَّاسِ إذَا لَمْ تَتِمَّ إلَّا بِالتَّسْعِيرِ.
سَعَّرَ عَلَيْهِمْ تَسْعِيرَ عَدْلٍ، لَا وَكْسَ وَلَا شَطَطَ، وَإِذَا انْدَفَعَتْ حَاجَتُهُمْ وَقَامَتْ مَصْلَحَتُهُمْ بِدُونِهِ: لَمْ يَفْعَلْ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
وانظر المجموع شرح المهذب - (ج 6 / ص 35).
نام کتاب :
الحسبة لابن تيمية - ت الشحود
نویسنده :
ابن تيمية
جلد :
1
صفحه :
306
««صفحهاول
«صفحهقبلی
جلد :
1
صفحهبعدی»
صفحهآخر»»
««اول
«قبلی
جلد :
1
بعدی»
آخر»»
فرمت PDF
شناسنامه
فهرست
کتابخانه
مدرسه فقاهت
کتابخانهای رایگان برای مستند کردن مقالهها است
www.eShia.ir