responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 314
وَمِثْلَ سَبِّ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ [1] وَجُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ [2] أَوْ سَبِّ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَمَشَايِخِهِمْ وَوُلَاةِ أُمُورِهِمْ: الْمَشْهُورِينَ عِنْدَ عُمُومِ الْأُمَّةِ بِالْخَيْرِ (3). وَمِثْلَ التَّكْذِيبِ بِأَحَادِيثِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - الَّتِي تَلَقَّاهَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْقَبُولِ (4). وَمِثْلَ رِوَايَةِ الْأَحَادِيثِ الْمَوْضُوعَةِ الْمُفْتَرَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. (5)

[1] - صحيح مسلم برقم (6651) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِى لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِى فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ».
وفي شرح النووي على مسلم - (ج 8 / ص 321)
اعْلَمْ أَنَّ سَبَّ الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ حَرَام مِنْ فَوَاحِش الْمُحَرَّمَات، سَوَاء مَنْ لَابَسَ الْفِتَن مِنْهُمْ وَغَيْره؛ لِأَنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ فِي تِلْكَ الْحُرُوب، مُتَأَوِّلُونَ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي أَوَّل فَضَائِل الصَّحَابَة مِنْ هَذَا الشَّرْح. قَالَ الْقَاضِي: وَسَبُّ أَحَدهمْ مِنْ الْمَعَاصِي الْكَبَائِر، وَمَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور أَنَّهُ يُعَزَّر، وَلَا يُقْتَل. وَقَالَ بَعْض الْمَالِكِيَّة: يُقْتَل.
قَوْله - صلى الله عليه وسلم -: (لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدكُمْ أَنْفَقَ مِثْل أُحُد ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدهمْ وَلَا نَصِيفه)
قَالَ أَهْل اللُّغَة: النَّصِيف النِّصْف، وَفِيهِ أَرْبَع لُغَات: نِصْف بِكَسْرِ النُّون، وَنُصْف بِضَمِّهَا، وَنَصْف بِفَتْحِهَا، وَنَصِيف بِزِيَادَةِ الْيَاء، حَكَاهُنَّ الْقَاضِي عِيَاض فِي الْمَشَارِق عَنْ الْخَطَّابِيِّ، وَمَعْنَاهُ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدكُمْ مِثْل أُحُد ذَهَبًا مَا بَلَغَ ثَوَابه فِي ذَلِكَ ثَوَاب نَفَقَة أَحَد أَصْحَابِي مُدًّا، وَلَا نِصْف مُدّ. قَالَ الْقَاضِي: وَيُؤَيِّد هَذَا مَا قَدَّمْنَاهُ فِي أَوَّل بَاب فَضَائِل الصَّحَابَة عَنْ الْجُمْهُور مِنْ تَفْضِيل الصَّحَابَة كُلّهمْ عَلَى جَمِيع مَنْ بَعْدهمْ. وَسَبَب تَفْضِيل نَفَقَتهمْ أَنَّهَا كَانَتْ فِي وَقْت الضَّرُورَة وَضِيق الْحَال، بِخِلَافِ غَيْرهمْ، وَلِأَنَّ إِنْفَاقهمْ كَانَ فِي نُصْرَته - صلى الله عليه وسلم - وَحِمَايَته، وَذَلِكَ مَعْدُوم بَعْده، وَكَذَا جِهَادهمْ وَسَائِر طَاعَتهمْ، وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْل الْفَتْح وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَم دَرَجَة} الْآيَة، هَذَا كُلّه مَعَ مَا كَانَ فِي أَنْفُسهمْ مِنْ الشَّفَقَة وَالتَّوَدُّد وَالْخُشُوع وَالتَّوَاضُع وَالْإِيثَار وَالْجِهَاد فِي اللَّه حَقَّ جِهَاده، وَفَضِيلَة الصُّحْبَة، وَلَوْ لَحْظَة لَا يُوَازِيهَا عَمَل، وَلَا تُنَال دَرَجَتهَا بِشَيْءٍ، وَالْفَضَائِل لَا تُؤْخَذ بِقِيَاسٍ، ذَلِكَ فَضْل اللَّه يُؤْتِيه مَنْ يَشَاء، قَالَ الْقَاضِي: وَمِنْ أَصْحَاب الْحَدِيث مَنْ يَقُول: هَذِهِ الْفَضِيلَة مُخْتَصَّة بِمَنْ طَالَتْ صُحْبَته، وَقَاتَلَ مَعَهُ، وَأَنْفَقَ وَهَاجَرَ وَنَصَرَ، لَا لِمَنْ رَآهُ مَرَّة كَوُفُودِ الْأَعْرَاب أَوْ صَحِبَهُ آخِرًا بَعْد الْفَتْح، وَبَعْد إِعْزَاز الدِّين مِمَّنْ لَمْ يُوجَد لَهُ هِجْرَة، وَلَا أَثَر فِي الدِّين وَمَنْفَعَة الْمُسْلِمِينَ. قَالَ: وَالصَّحِيح هُوَ الْأَوَّل، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ. وَاَللَّه أَعْلَم.
[2] - صحيح البخارى برقم (48) عَنْ زُبَيْدٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا وَائِلٍ عَنِ الْمُرْجِئَةِ، فَقَالَ حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «سِبَابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ».
وفي فتح الباري لابن حجر - (ج 1 / ص 77) قَوْله: (فُسُوق) الْفِسْق فِي اللُّغَة الْخُرُوج، وَفِي الشَّرْع: الْخُرُوج عَنْ طَاعَة اللَّه وَرَسُوله، وَهُوَ فِي عُرْف الشَّرْع أَشَدّ مِنْ الْعِصْيَان، قَالَ اللَّه تَعَالَى (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمْ الْكُفْر وَالْفُسُوق وَالْعِصْيَان)، فَفِي الْحَدِيث تَعْظِيم حَقّ الْمُسْلِم وَالْحُكْم عَلَى مَنْ سَبَّهُ بِغَيْرِ حَقّ بِالْفِسْقِ، وَمُقْتَضَاهُ الرَّدّ عَلَى الْمُرْجِئَة. وَعُرِفَ مِنْ هَذَا مُطَابَقَة جَوَاب أَبِي وَائِل لِلسُّؤَالِ عَنْهُمْ كَأَنَّهُ قَالَ: كَيْف تَكُون مَقَالَتهمْ حَقًّا وَالنَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُول هَذَا. .
قَوْله: (وَقِتَاله كُفْر) إِنْ قِيلَ: هَذَا وَإِنْ تَضَمَّنَ الرَّدّ عَلَى الْمُرْجِئَة لَكِنَّ ظَاهِره يُقَوِّي مَذْهَب الْخَوَارِج الَّذِينَ يُكَفِّرُونَ بِالْمَعَاصِي. فَالْجَوَاب: إِنَّ الْمُبَالَغَة فِي الرَّدّ عَلَى الْمُبْتَدِع اِقْتَضَتْ ذَلِكَ، وَلَا مُتَمَسَّك لِلْخَوَارِجِ فِيهِ؛ لِأَنَّ ظَاهِره غَيْر مُرَاد، لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْقِتَال أَشَدّ مِنْ السِّبَاب - لِأَنَّهُ مُفْضٍ إِلَى إِزْهَاق الرُّوح - عَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ أَشَدّ مِنْ لَفْظ الْفِسْق وَهُوَ الْكُفْر، وَلَمْ يُرِدْ حَقِيقَة الْكُفْر الَّتِي هِيَ الْخُرُوج عَنْ الْمِلَّة، بَلْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْكُفْر مُبَالَغَة فِي التَّحْذِير، مُعْتَمِدًا عَلَى مَا تَقَرَّرَ مِنْ الْقَوَاعِد أَنَّ مِثْل ذَلِكَ لَا يُخْرِج عَنْ الْمِلَّةَ، مِثْل حَدِيث الشَّفَاعَة، وَمِثْل قَوْله تَعَالَى (إِنَّ اللَّه لَا يَغْفِر أَنْ يُشْرِك بِهِ وَيَغْفِر مَا دُون ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاء)، وَقَدْ أَشَرْنَا إِلَى ذَلِكَ فِي بَاب الْمَعَاصِي مِنْ أَمْر الْجَاهِلِيَّة. أَوْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْكُفْر لِشَبَهِهِ بِهِ؛ لِأَنَّ قِتَال الْمُؤْمِن مِنْ شَأْن الْكَافِر. وَقِيلَ: الْمُرَاد هُنَا الْكُفْر اللُّغَوِيّ وَهُوَ التَّغْطِيَة؛ لِأَنَّ حَقّ الْمُسْلِم عَلَى الْمُسْلِم أَنْ يُعِينهُ وَيَنْصُرهُ وَيَكُفّ عَنْهُ أَذَاهُ، فَلَمَّا قَاتَلَهُ كَانَ كَأَنَّهُ غَطَّى عَلَى هَذَا الْحَقّ، وَالْأَوَّلَانِ أَلْيَق بِمُرَادِ الْمُصَنِّف وَأَوْلَى بِالْمَقْصُودِ مِنْ التَّحْذِير مِنْ فِعْل ذَلِكَ وَالزَّجْر عَنْهُ بِخِلَافِ الثَّالِث. وَقِيلَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ كُفْر أَيْ قَدْ يَئُول هَذَا الْفِعْل بِشُؤْمِهِ إِلَى الْكُفْر، وَهَذَا بَعِيد، وَأَبْعَد مِنْهُ حَمْله عَلَى الْمُسْتَحِلّ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُطَابِق التَّرْجَمَة، وَلَوْ كَانَ مُرَادًا لَمْ يَحْصُل التَّفْرِيق بَيْن السِّبَاب وَالْقِتَال، فَإِنَّ مُسْتَحِلّ لَعْن الْمُسْلِم بِغَيْرِ تَأْوِيل يَكْفُر أَيْضًا. ثُمَّ ذَلِكَ مَحْمُول عَلَى مَنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ تَأْوِيل. وَقَدْ بَوَّبَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّف فِي كِتَاب الْمُحَارِبِينَ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى. وَمِثْل هَذَا الْحَدِيث قَوْله - صلى الله عليه وسلم - " لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِب بَعْضكُمْ رِقَاب بَعْض " فَفِيهِ هَذِهِ =
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 314
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست