نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 319
وَمِثْلَ الْغُلُوِّ فِي الدِّينِ بِأَنْ يَنْزِلَ الْبَشَرُ مَنْزِلَةَ الْإِلَهِ [1]. وَمِثْلَ تَجْوِيزِ الْخُرُوجِ عَنْ شَرِيعَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - [2]. [1] - قال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَآمِنُواْ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلاَ تَقُولُواْ ثَلاَثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلاً} (171) سورة النساء
وفي سنن النسائى برقم (3070) عَنْ أَبِى الْعَالِيَةِ قَالَ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِهِ «هَاتِ الْقُطْ لِى». فَلَقَطْتُ لَهُ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ فَلَمَّا وَضَعْتُهُنَّ فِى يَدِهِ قَالَ بِأَمْثَالِ هَؤُلاَءِ «وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِى الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ فِى الدِّينِ» وهو صحيح. [2] - قلت: كما يفعله العلمانيون من لف لفهم، فقد خرجوا عن شريعة الرحمن وجاءوا بشريعة الشيطان، قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} (65) سورة النساء
وفي ظلال القرآن - (ج 1 / ص 98)
إن الناس لا يؤمنون - ابتداء - إلا أن يتحاكموا إلى منهج الله ; ممثلا - في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أحكام الرسول. وباقيا بعده في مصدريه القرآن والسنة بالبداهة ; ولا يكفي أن يتحاكموا إليه - ليحسبوا مؤمنين - بل لا بد من أن يتلقوا حكمه مسلمين راضين:
فلا وربك. . لا يؤمنون. . حتى يحكموك فيما شجر بينهم , ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليمًا. . فهذا هو شرط الإيمان وحد الإسلام.
ويقول لها: إن الذين يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت - أي إلى غير شريعة الله - لا يقبل منهم زعمهم أنهم آمنوا بما أنزل إلى الرسول وما أنزل من قبله. فهو زعم كاذب. يكذبه أنهم يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت:
ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك , يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت - وقد أمروا أن يكفروا به - ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدًا.
ويقول لها: إن علامة النفاق أن يصدوا عن التحاكم إلى ما أنزل الله والتحاكم إلى رسول الله: (وإذا قيل لهم: تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول , رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا).
ويقول لها: إن منهجها الإيماني ونظامها الأساسي , أن تطيع الله - عز وجل - في هذا القرآن - وأن تطيع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سنته - وأولي الأمر من المؤمنين الداخلين في شرط الإيمان وحد الإسلام معكم:
(يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله , وأطيعوا الرسول. وأولي الأمر منكم). .
ويقول لها: إن المرجع , فيما تختلف فيه وجهات النظر في المسائل الطارئة المتجددة. والأقضية التي لم ترد فها أحكام نصية. . إن المرجع هو الله ورسوله. . أي شريعة الله وسنة رسوله.
(فإن تنازعتم في شيء , فردوه إلى الله والرسول). .
وبهذا يبقى المنهج الرباني مهيمنا على ما يطرأ على الحياة من مشكلات وأقضية كذلك , أبد الدهر , في حياة الأمة المسلمة. . وتمثل هذه القاعدة نظامها الأساسي , الذي لا تكون مؤمنة إلا به , ولا تكون مسلمة إلا بتحقيقه. . إذ هو يجعل الطاعة بشروطها تلك , ورد المسائل التي تجد وتختلف فيها وجهات النظر إلى الله ورسوله. . شرط الإيمان وحد الإسلام. . شرطا واضحا ونصا صريحا: (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر). .
فما يمكن أن يجتمع الإيمان , وعدم تحكيم شريعة الله , أو عدم الرضى بحكم هذه الشريعة. والذين يزعمون لأنفسهم أو لغيرهم أنهم "مؤمنون" ثم هم لا يحكمون شريعة الله في حياتهم , أو لا يرضون حكمها إذا طبق عليهم. . إنما يزعمون دعوى كاذبة ; وإنما يصطدمون بهذا النص القاطع: (وما أولئك بالمؤمنين). فليس الأمر في هذا هو أمر عدم تحكيم شريعة الله من الحكام فحسب ; بل إنه كذلك عدم الرضى بحكم الله من المحكومين , يخرجهم من دائرة الإيمان , مهما ادعوه باللسان.
وهذا النص هنا يطابق النص الآخر , في سورة النساء: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم , ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت , ويسلموا تسليمًا). . فكلاهما يتعلق بالمحكومين لا بالحكام. وكلاهما يخرج من الإيمان , وينفي صفة الإيمان عمن لا يرضى بحكم الله ورسوله , ومن يتولى عنه ويرفض قبوله.
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 319