responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 330
وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْعُقُوبَةِ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ وَفِعْلِ الْمُحَرَّمَاتِ [1].

= إن من الناس من لا يصلحه إلا قوة السلطان، ومن الناس من يصلحه القرآن، إذا قرأ القرآن اتعظ وانتفع، ومن الناس من هو شرير لا يصلحه إلا السلطان، ويدل لهذا أن الزاني إذا زنا ماذا يُصنع به؟ يُجلد، لا نقول: نأتي به، نقرأ عليه القرآن، ونحذره من الزنا، وما أشبه ذلك، نجلده؛ لأن هذا يردعه وأمثالَه عن العودة إليه
[1] - وفي كتاب الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة - (ج [1] / ص 28)
[1] - إقامة الشرائع والحدود وتنفيذ الأحكام:
من لوازم حراسة الدين أيضًا تنفيذ أحكامه من: جباية الزكاة، وتقسيم الفيء، وتنظيم الجيوش المجاهدة، وأمر بالمعروف، ونهي عن المنكر، وإقامة الحدود التي شرعها الله عز وجل، وأمر بتنفيذها. وحيث إن أقامتها من اختصاصات الولاة أو من ينيبونه عنهم من القضاة الشرعيين ونحوهم. حيث لا يستطيع آحاد الناس إقامتها وإلا كانت هناك الفتن والإحن، لذلك فهي من مقاصد الإمامة المختصة بها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وإقامة الحدود واجبة على ولاة الأمور، وذلك يحصل بالعقوبة على ترك الواجبات وفعل المحرمات) (1)
والعقوبات الشرعية نوعان: عقوبة مقَّدرة. وهي: الحدود: كحد السرقة، وجلد المفتري. وعقوبة غير مقدرة. وهي: التعزير. وهذه راجعة إلى اجتهاد
الحاكم أو من ينيبه من القضاة الشرعيين، وتختلف صفاتها ومقاديرها بحسب كبر الذنب وصغره وبحسب حال المذنب.
وهذه الحدود لم تشرع إلا للتطبيق، فيجب إقامتها على الشريف والوضيع، والقوي والضعيف، لا يحل تعطيلها لا بشفاعة ولا بهدية ولا بغيرها كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «أقيموا حدود الله في القريب والبعيد، ولا تأخذكم في الله لومة لائم» [2]. وقال عليه أفضل الصلاة والسلام: «من حالت شفاعته دون حد من حدود الله، فقد ضادَّ الله في أمره» [3]. وقال - صلى الله عليه وسلم -: «حدّ يعمل به في الأرض خير من أن يمطروا أربعين صباحًا» [4]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله معلقًا على هذا الحديث: (وهذا لأن المعاصي سبب لنقص الرزق والخوف من العدو، كما يدل عليه الكتاب والسنة، فإذا أقيمت الحدود ظهرت طاعة الله ونقصت معصية الله تعالى، فحصل الرزق والنصر) [5].
وإن من أعظم المنكرات في هذا الشأن أن يترك الوالي إنكار المنكر، أو إقامة الحدّ بمال يأخذه كما قال ابن تيمية: (وولي الأمر إذا ترك إنكار المنكرات، وإقامة الحدود عليها بمال يأخذه، كان بمنزلة مقدم الحرامية الذي يقاسم المحاربين على الأخيذة، وبمنزلة القواد الذي يأخذ ما يأخذه ليجمع بين اثنين على فاحشة، وكان حاله شبيها بحال عجوز السوء إمرأة لوط) [6].
2 - حمل الناس عليه بالترغيب والترهيب:
ومن مقاصد الإمامة في تنفيذ الدين حمل الناس على الوقوف عند حدود الله، والطاعة لأوامره وترغيبهم في ذلك، ومعاقبة المخالفين بالعقوبات الشرعية كما سبق. لأن بعض الناس لا يصلح إلا بالقوة، كما أن بعضهم لا يصلحه إلا اللين والسماحة. كما قال الشوكاني رحمه الله: (فإن من الناس من يصلح بالهوان، ويفسد بالإكرام كما هو معلوم لكل من يعرف أحوال الناس واختلاف طبقاتهم) [7]. فمثل هؤلاء يجب أطرهم على الحق أطرًا كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن بني إسرائيل لما وقع فيهم النقص، كان الرجل يرى أخاه على الذنب فينهاه عنه، فإذا كان من الغد، لم يمنعه ما رأى منه أن يكون أكيله وشريبه وخليطه، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ونزل فيهم القرآن فقال: ? لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ... ? حتى بلغ ? وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله والنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاء وَلَكِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ? [8]». فقال: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متكئًا فجلس
وقال «لا. حتى تأخذوا على يد الظالم فتأطروه [9] على الحق أطرًا» [10].
ولكن هذا الأسلوب لا يمكن استعماله إلا بعد إزالة عوامل الإفساد والمنكرات من المجتمع، وهو من وسائل حفظ الدين وتنفيذه، ومن مقاصد الإمامة، فلا يمكن الادعاء بحفظ الدين وجبر الناس عليه مع ترك المفاسد والمنكرات بلا إزالة ولا إبعاد مع توفر القدرة على ذلك. كما أنه ينبغي تيسير طرق الخير أمام العامة، والترغيب فيه بكل ممكن.

[1] الحسبة (ص 55).
[2] رواه ابن ماجة في ك: الحدود. ب: 3، ح2540 (2/ 849) قال في الزوائد هذا إسناد صحيح على شرط ابن حبان، فقد ذكر جميع رواته في ثقاته.
[3] رواه أبو داود في ك: الأقضية. ب: 14، عون (10/ 5) ورواه الإمام أحمد في مسنده (2/ 70) وصححه أحمد شاكر. انظر: تخريجه للمسند (7/ 204) ح5385. كما صححه الألباني. انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة ح438
[4] رواه النسائي في ك: حد السارق. ب: الترغيب في إقامة الحد، (8/ 76)، وابن ماجة في ك: الحدود، ب: 3، ح2538 (2/ 848)، ورواه أحمد في مسنده (2/ 362). وصححه الحسيني عبد المجيد هاشم في تكملته لتخريج المسند ح8723، (16/ 301). والحديث حسّنه المنذري في الترغيب 1533. وقال ابن حجر في مختصر الترغيب والترهيب: رواه الطبراني في الكبير والأوسط. وسند الكبير حسن (ص 206). كما حسَنه العراقي في تخريجه للإحياء (2/ 155). وحسّنه الألباني. انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة ح231.
[5] السياسة الشرعية (ص 68).
[6] السياسة الشرعية (ص 73).
[7] من كتابه (قطر الولي على حديث الولي) أو (ولاية والله والطريق إليها) تقديم وتحقيق د. إبراهيم هلال (ص 259). ط. 1397 هـ. ن. دار الكتب الحديثة. مصر.
[8] سورة المائدة آية 8، 81.
[9] الأطر: عطف الشيء تقبض على أحد طرفيه فتعوجه لسان العرب مادة (أطر) (4/ 24) والمعنى: تعطفونه على الحق.
[10] رواه ابن ماجة في ك: الفتن. ب: الأمر بالمعروف ... ، ح 4006 (2/ 1328) واللفظ له. ورواه الترمذي في تفسير سورة المائدة ح3047 (5/ 252)، وقال: حسن غريب، ورواه أبو داود في ك: الملاحم. ب: 17، عون (11/ 488). وقال المنذري: ذكر أن بعضهم رواه عن أبي عبيدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً ... وقد تقدم أنا أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه فهو منقطع. عون المعبود (11/ 488)، ورواه الإمام أحمد في المسند (1/ 391)، وقال عنه أحمد شاكر: ضعيف لانقطاعه، ح3717، من المسند (5/ 268) تحقيق أحمد شاكر.
وانظر الدرر السنية في الأجوبة النجدية - الرقمية - (ج 15 / ص 24) والطرق الحكمية - (ج 1 / ص 359)
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 330
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست