responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 35
وَلَا يَجُوزُ لِلْمُحْتَسِبِ وَلَا لِأَحَدٍ مِنْ أَعْوَانِهِ أَخْذُ الْمَالِ مِنْ النَّاسِ لِأَجْلِ الِاحْتِسَابِ , لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الرِّشْوَةِ , وَهِيَ حَرَامٌ شَرْعًا , لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ الْمُحْتَسِبُ يُنْظَرُ فِيهِ , إنْ أَخَذَهُ لِيُسَامِحَ فِي مُنْكَرٍ , أَوْ يُدَاهِنَ فِيهِ , أَوْ يُقَصِّرَ فِي مَعْرُوفٍ , فَهُوَ أَحَدُ أَنْوَاعِ الرِّشْوَةِ وَأَنَّهَا حَرَامٌ [1].
وَإِذَا جُعِلَ لِمَنْ وَلِيَ فِي السُّوقِ شَيْءٌ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ فِيمَا يَشْتَرُونَهُ سَامَحَهُمْ فِي الْفَسَادِ بِمَا لَهُ مَعَهُمْ فِيهِ مِنْ النَّصِيبِ [2] , أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ رِزْقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ كَانَ لَا يَكْفِيهِمْ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يُرَخِّصُ لَهُمْ بِقَدْرِ مَا يَكْفِيهِمْ , لِأَنَّهُمْ يَعْمَلُونَ لَهُمْ , فَيَأْخُذُونَ كِفَايَتَهُمْ [3] , أَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى الْكِفَايَةِ فَلَا تَجُوزُ , لِأَنَّهُ مَالٌ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُسْلِمِ قَهْرًا وَغَلَبَةً بِغَيْرِ رِضَاهُ , لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ .. } (29) سورة النساء، وَقَدْ شَدَّدَ الْعُلَمَاءُ النَّكِيرَ عَلَى أَخْذِ الْمَالِ مِنْ النَّاسِ بِدُونِ وَجْهِ حَقٍّ. وَالْأَرْزَاقُ لَيْسَتْ بِمُعَاوَضَةٍ أَلْبَتَّةَ لِجَوَازِهَا فِي أَضْيَقِ الْمَوَاضِعِ الْمَانِعَةِ مِنْ الْمُعَاوَضَةِ , وَهُوَ الْقَضَاءُ وَالْحُكْمُ بَيْنَ النَّاسِ , فَلَا وَرَعَ حِينَئِذٍ فِي تَرْكِ تَنَاوُلِ الرِّزْقِ وَالْأَرْزَاقُ عَلَى الْإِمَامَةِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ , وَإِنَّمَا يَقَعُ الْوَرَعُ مِنْ جِهَةِ قِيَامِهِ بِالْوَظِيفَةِ خَاصَّةً , فَإِنَّ الْأَرْزَاقَ لَا يَجُوزُ تَنَاوُلُهَا إلَّا لِمَنْ قَامَ بِذَلِكَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ فِي إطْلَاقِهِ لِتِلْكَ الْأَرْزَاقِ [4].
آدَابُ الْمُحْتَسِبِ ([5]):
19 - الْمَقْصُودُ مِنْ الْآدَابِ الْأَخْذُ بِمَا يُحْمَدُ قَوْلًا وَفِعْلًا , وَالتَّحَلِّي بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ , فَيَنْبَغِي لِلْمُحْتَسِبِ أَخْذُ نَفْسِهِ بِهَا حَتَّى يَكُونَ عَمَلُهُ مَقْبُولًا , وَقَوْلُهُ مَسْمُوعًا , وَتُحَقِّقُ وِلَايَتُهُ الْهَدَفَ مِنْهَا , وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ عَفِيفًا عَنْ قَبُولِ الْهَدَايَا مِنْ أَرْبَابِ الصِّنَاعَاتِ وَالْمَهَرَةِ , فَإِنَّ ذَلِكَ أَسْلَمُ لِعِرْضِهِ وَأَقْوَمُ لِهَيْبَتِهِ , وَأَنْ يُلَازِمَ الْأَسْوَاقَ , وَيَدُورَ عَلَى الْبَاعَةِ , وَيَكْشِفَ الدَّكَاكِينَ وَالطَّرَقَاتِ , وَيَتَفَقَّدَ الْمَوَازِينَ وَالْأَطْعِمَةَ , وَيَقِفَ عَلَى وَسَائِلِ الْغِشِّ فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ , وَعَلَى غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا , وَيَسْتَعِينُ فِي عَمَلِهِ بِالْأُمَنَاءِ الْعَارِفِينَ الثِّقَاتِ , لِيَعْتَمِدَ عَلَى أَقْوَالِهِمْ وَيُبَالِغُ فِي الْكَشْفِ فِيهَا , وَيُبَاشِرُ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ , فَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ عِيسَى الْوَزِيرَ وَقَعَ إلَى مُحْتَسِبٍ كَانَ فِي وَقْتِ وَزَارَتِهِ يُكْثِرُ الْجُلُوسَ فِي دَارِهِ بِبَغْدَادَ " الْحِسْبَةُ لَا تَحْتَمِلُ الْحَجَبَةَ فَطُفْ الْأَسْوَاقَ تَحِلَّ لَك الْأَرْزَاقُ , وَاَللَّهِ إنْ لَزِمْت دَارَك نَهَارًا لَأُضْرِمَنهَا عَلَيْك نَارًا وَالسَّلَامُ " [6].

[1] - نصاب الاحتساب 135 و136 و معالم القربة 13 - 14
[2] - تحفة الناظر 17
[3] - نصاب الاحتساب 134
[4] - الفروق 3/ 504 و أنوار البروق في أنواع الفروق - (ج 4 / ص 346)
[5] - الموسوعة الفقهية1 - 45 كاملة - (ج 2 / ص 6045) وإحياء علوم الدين - (ج 2 / ص 168)
[6] - معالم القربة في طلب الحسبة - (ج 1 / ص 288) و معالم القربة 124 و219
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 35
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست