responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 49
الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُتْبَةَ قَالَ سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ - رضى الله عنه - يَقُولُ إِنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْىِ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -،وَإِنَّ الْوَحْىَ قَدِ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمُ الآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ، فَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا خَيْرًا أَمِنَّاهُ وَقَرَّبْنَاهُ، وَلَيْسَ إِلَيْنَا مِنْ سَرِيرَتِهِ شَىْءٌ، اللَّهُ يُحَاسِبُهُ فِى سَرِيرَتِهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ لَنَا سُوءًا لَمْ نَأْمَنْهُ وَلَمْ نُصَدِّقْهُ، وَإِنْ قَالَ إِنَّ سَرِيرَتَهُ حَسَنَةٌ [1].
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي قوله تعالى [2]: {وَلَا تَجَسَّسُوا} خُذُوا مَا ظَهَرَ , وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ , أَيْ لَا يَبْحَثْ أَحَدُكُمْ عَنْ عَيْبِ أَخِيهِ حَتَّى يَطَّلِعَ عَلَيْهِ بَعْدَ أَنْ سَتَرَهُ اللَّهُ فَلَيْسَ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَتَجَسَّسَ وَلَا أَنْ يَبْحَثَ أَوْ يَقْتَحِمَ عَلَى النَّاسِ دُورَهُمْ بِظَنِّ أَنَّ فِيهَا مُنْكَرًا , لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ التَّجَسُّسِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ [3] وَفِي حُكْمِهِ مَنْ ابْتَعَدَ عَنْ الْأَنْظَارِ [4] وَاسْتَتَرَ فِي مَوْضِعٍ لَا يَعْلَمُ بِهِ غَالِبًا غَيْرُ مَنْ حَضَرَهُ وَيَكْتُمُهُ وَلَا يُحَدِّثُ بِهِ [5].
وَالنَّاسُ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: مَسْتُورٌ لَا يُعْرَفُ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَعَاصِي , فَإِذَا وَقَعَتْ مِنْهُ هَفْوَةٌ أَوْ زَلَّةٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَشْفُهَا وَهَتْكُهَا وَلَا التَّحَدُّثُ بِهَا , لِأَنَّ ذَلِكَ غِيبَةٌ , وَفِي ذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (19) سورة النور، وَالْمُرَادُ إشَاعَةُ الْفَاحِشَةِ عَلَى الْمُؤْمِنِ الْمُسْتَتِرِ فِيمَا وَقَعَ مِنْهُ أَوْ اُتُّهِمَ بِهِ وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْهُ.
وَالثَّانِي [6]: مَنْ كَانَ مُشْتَهِرًا بِالْمَعَاصِي مُعْلِنًا بِهَا وَلَا يُبَالِي بِمَا ارْتَكَبَ مِنْهَا وَلَا بِمَا قِيلَ لَهُ , فَهَذَا هُوَ الْفَاجِرُ الْمُعْلِنُ وَلَيْسَ لَهُ غِيبَةٌ , وَمِثْلُ هَذَا فَلَا بَأْسَ بِالْبَحْثِ عَنْ أَمْرِهِ لِتُقَامَ عَلَيْهِ الْحُدُودُ.
أَمَّا تَسَوُّرُ الْجُدْرَانِ عَلَى مَنْ عَلِمَ اجْتِمَاعَهُمْ عَلَى مُنْكَرٍ فَقَدْ أَنْكَرَهُ الْأَئِمَّةُ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي التَّجَسُّسِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ [7]،وَيَتَحَقَّقُ الْإِظْهَارُ فِي حَالَةِ مَا إذَا أَتَى مَعْصِيَةً بِحَيْثُ يَرَاهُ النَّاسُ فِي ذَهَابِهِمْ وَإِيَابِهِمْ ,

[1] - صحيح البخارى برقم (2641)
[2] - الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - (ج 1 / ص 5274) والتمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد - (ج 18 / ص 22) والاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار - (ج 9 / ص 269) وطرح التثريب - (ج 8 / ص 345)
[3] - ففي صحيح البخارى برقم (5143) عَنِ الأَعْرَجِ قَالَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَأْثُرُ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلاَ تَجَسَّسُوا، وَلاَ تَحَسَّسُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا إِخْوَانًا»
وانظر الزواجر عن اقتراف الكبائر 2/ 169 ونصاب الاحتساب 202.
[4] - الآداب الشرعية 1/ 292
[5] - غذاء الألباب 1/ 226
[6] - جامع العلوم والحكم - (ج 36 / ص 13) غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب - (ج 1 / ص 403)
[7] - جامع العلوم والحكم - (ج 34 / ص 13) وكتب وليد بن راشد السعيدان - (ج 6 / ص 12) وغذاء الألباب في شرح منظومة الآداب - (ج 1 / ص 403)
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية    جلد : 1  صفحه : 49
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست