نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 78
محتسباً أو ذا سلطة -سعى إلى التغير باليد، وذلك بناء على قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ» [1]. والمراد بتغيير اليد هنا إزالة المنكر فقط دون تجاوز ولا تعد على فاعله، فإن كان المنكر خمراً أزيلت، أو صنماً كسر، ونحو ذلك.
و- التثبت: على المحتسب أن يتبين الأمر حتى يتضح له قبل أن يحكم عليه بالإنكار رعاية لحقوق الغير وصوناً لحرمات الناس، فمتى ثبت له داعي الإنكار أقدم فأنكر، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} (6) سورة الحجرات.
صفات المحتسب
يشترط فيمن يختار الإمام لمنصب الحسبة أن تتوفر فيه صفات أساسية حتى يضمن حسن قيامه بواجبه وتؤتي مهمته ثمارها في الحفاظ على المجتمع وصيانته من المنكرات وفشوها، وأهم تلك الصفات هي:
أولاً: الإخلاص والتجرد: فالمحتسب يقوم بواجبه امتثالاً لأمر الشارع له، فيجب أن لا تكون له مصلحة شخصية فيما يأمر أو ينهي عنه وإنما تكون غايته الإصلاح، كما قال الله تعالى على لسان شعيب عليه السلام: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (88) سورة هود.
ثانياً: العلم والحكمة: ذلك أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب شرعي لذا يجب على من يقوم به أن يكون عالماً بمواضع الأمر والإنكار، وحكيماً في ذلك حتى لا يكون فعله للفساد أقرب منه للصلاح. قال الله تعالى آمرا رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} (108) سورة يوسف، وقال تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} (125) سورة النحل.
ثالثاً: الرفق والحلم: فالمحتسب ليس منتقماً لنفسه، ولا قاصدا إيذاء فاعل المنكر، وإنما غايته حمله على ترك المنكر، لذا وجب عليه أن يأخذه بالرفق والحلم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّ الرِّفْقَ لاَ يَكُونُ فِى شَىْءٍ إِلاَّ زَانَهُ وَلاَ يُنْزَعُ مِنْ شَىْءٍ إِلاَّ شَانَهُ» [2].
وقال تعالى واصفاً الرسول - صلى الله عليه وسلم -: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (128) سورة التوبة، وقال تعالى آمراً موسى وهارون لما بعثهما إلى [1] - صحيح مسلم برقم (186) [2] - صحيح مسلم برقم (6767)
نام کتاب : الحسبة لابن تيمية - ت الشحود نویسنده : ابن تيمية جلد : 1 صفحه : 78