نام کتاب : الداء والدواء نویسنده : ابن القيم جلد : 0 صفحه : 19
فقال في كتابه مدارج السالكين: "ومن الجود بالعلم أنّ السائل إذا سألك عن مسألة استقصيت له جوابها جوابًا شافيًا، لا يكون جوابك له بقدر ما تدفع به الضرورة ... ولقد شاهدت من شيخ الإِسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- في ذلك أمرًا عجيبًا: كان إذا سئل عن مسألة حكمية، ذكر في
جوابها مذاهب الأئمة الأربعة إذا قدر، ومأخذ الخلاف وترجيح القول الراجح، وذكر متعلقات المسألة التي ربما تكون أنفع للسائل من مسألته، فيكون فرحه بتلك المتعلقات واللوازم أعظم من فرحه
بمسألته ... " [1].
وفي موضع آخر جعل ذلك دليلاً على كمال نصح المفتي للسائل وكمال علمه وإرشاده [2]. ولا شك أن الجواب عن بعض المسائل الفرعية قد يكون محلّ انتقاد إذا خرج عن المألوف في الاستطالة
والتشعب وكثرة الاستطراد، مما يضطر المجيب كلّما بعد عن الغرض أن يعود إلى ما بدأ، فيتضجر السائل، ويملّ القارئ، ولكن إذا كان السؤال عن مرض خطير من أمراض القلوب كمرض العشق المخالف لسائر الأمراض في ذاته وأسبابه وعلاجه كما قال المؤلف، وهو مرض لا يخلو منه زمان ولا مكان، ولكنه قد يبلغ في بعض المجتمعات- لكثرة دواعيه- من الفشوّ في الخاصة بعد العامّة مبلغًا ينذر بسقوط المجتمع في الهاوية = إذا كان السؤال عن مثل هذا المرض الذي يكاد يكون وباءً فتّاكًا
فلا ريب أنّ من كمال نصح المفتي وأمانته وعلمه وفقهه أن يكون جوابه مفصّلاً مستوعبًا لجوانب الموضوع. فلا يصحّ له أن يقتضب الكلام أو [1] مدارج السالكين (2/ 293 - 294). [2] إعلام الموقعين (4/ 158).
نام کتاب : الداء والدواء نویسنده : ابن القيم جلد : 0 صفحه : 19