responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 232
وَالْمَسَرَّاتِ؟ وَتُحْمَدُ إِذَا أَعَانَتْ عَلَى لَذَّةٍ عَظِيمَةٍ دَائِمَةٍ مُسْتَقِرَّةٍ لَا تَنْغِيصَ فِيهَا وَلَا نَكَدَ بِوَجْهٍ مَا، وَهِيَ لَذَّةُ الْآخِرَةِ وَنَعِيمُهَا وَطِيبُ الْعَيْشِ فِيهَا، قَالَ تَعَالَى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا - وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [سُورَةُ الْأَعْلَى: 16 - 17] .
وَقَالَ السَّحَرَةُ لِفِرْعَوْنَ لَمَّا آمَنُوا:
{فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا - إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [سُورَةُ طه: 72 - 73] .
وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ لِيُنِيلَهُمْ هَذِهِ اللَّذَّةَ الدَّائِمَةَ فِي دَارِ الْخُلْدِ، وَأَمَّا الدُّنْيَا فَمُنْقَطِعَةٌ، وَلَذَّاتُهَا لَا تَصْفُو أَبَدًا وَلَا تَدُومُ، بِخِلَافِ الْآخِرَةِ، فَإِنَّ لَذَّاتِهَا دَائِمَةٌ، وَنَعِيمَهَا خَالِصٌ مِنْ كُلِّ كَدَرٍ وَأَلَمٍ، وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ مَعَ الْخُلُودِ أَبَدًا، وَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أَخْفَى اللَّهُ لِعِبَادِهِ فِيهَا مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ، بَلْ فِيهَا مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، وَهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي قَصَدَهُ النَّاصِحُ لِقَوْمِهِ:
{يَاقَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ - يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [سُورَةُ غَافِرٍ: 38 - 39] .
فَأَخْبَرَهُمْ أَنَّ الدُّنْيَا يُسْتَمْتَعُ بِهَا إِلَى غَيْرِهَا، وَأَنَّ الْآخِرَةَ هِيَ الْمُسْتَقَرُّ.
وَإِذَا عَرَفْتَ أَنَّ لَذَّاتِ الدُّنْيَا وَنَعِيمَهَا مَتَاعٌ، وَوَسِيلَةٌ إِلَى لَذَّاتِ الْآخِرَةِ، وَلِذَلِكَ خُلِقَتِ الدُّنْيَا وَلَذَّاتُهَا، فَكُلُّ لَذَّةٍ أَعَانَتْ عَلَى لَذَّةِ الْآخِرَةِ وَأَوْصَلَتْ إِلَيْهَا لَمْ يُذَمَّ تَنَاوُلُهَا، بَلْ يُحْمَدُ بِحَسَبِ إِيصَالِهَا إِلَى لَذَّةِ الْآخِرَةِ.
رُؤْيَةُ اللَّهِ
إِذَا عُرِفَ هَذَا فَأَعْظَمُ نَعِيمِ الْآخِرَةِ وَلَذَّاتِهَا: هُوَ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِ الرَّبِّ جَلَّ جَلَالُهُ، وَسَمَاعُ كَلَامِهِ مِنْهُ، وَالْقُرْبُ مِنْهُ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ فِي حَدِيثِ الرُّؤْيَةِ: «فَوَاللَّهِ مَا أَعْطَاهُمْ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ» ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «إِنَّهُ إِذَا تَجَلَّى لَهُمْ وَرَأَوْهُ؛ نَسُوا مَا هُمْ فِيهِ مِنَ النَّعِيمِ» .

نام کتاب : الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي = الداء والدواء نویسنده : ابن القيم    جلد : 1  صفحه : 232
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست