نام کتاب : توضيح الأحكام من بلوغ المرام نویسنده : البسام، عبد الله جلد : 1 صفحه : 169
ومذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد: أنَّها تزال بكلِّ مائعٍ طاهرٍ مزيل للعين والأثر؛ واختاره ابن عقيل، والشيخ تقي الدِّين.
والنجاسة لها ثلاث صفات: طعمٌ، وريحٌ، ولون:
فبقاء الطعم والريح بعد الغسل: دليل على بقاء عينها، وأنَّها لم تَزُلْ، أمَّا بقاء اللون بعد الغسل الجيد: فلا يضر؛ لأنه معفوٌّ عنه.
وأثر النجاسة من الروائح الكريهة السَّامة تختلط بالهواء، وتدخل في البدن بواسطة مسامه، فتضر الجسم وتخل بالصحة؛ لأنَّ الهواء سيَّال مركَّبٌ لطيف، يدخل بما يحمل معه بسهولة في أضيق مسام الأجسام؛ ولذا عيَّن الشَّارع الحكيم الماء لإزالة النجاسات؛ لأنَّ الماء في حالته الطبيعية فيه رقَّة وسيلان، وقوَّة في إزالة المستقذرات، والله أعلم.
قال العلماء: الأصل في كلِّ شيءٍ أنَّه طاهر؛ لأنَّ القول بنجاسته يستلزم تعبد العباد بحكم من الأحكام، والأصل عدم ذلك، والبداهة قاضية بأنَّه لا تكليف بالمحتمل، حتَّى يثبت ثبوتًا بنقل في ذلك، وليس مَنْ أثبَتَ الأحكامَ المنسوبة إلى الشرع؛ بدون دليل -بأقل إثمًا ممَّن أبطل ما قد ثبت دليله من الأحكام؛ فالكل من التقوُّل على الله بما لم يقل، أو من إبطال ما قد شرعه لعباده بلا حجَّة، ومن أصيب بالوسواس، فعلاجه أنْ يعلم يقينًا أنَّ الأصل في الأشياء الطهارة، وأنَّه لا يحكم بنجاسة شيءٍ حتَّى يعلم يقينًا بنجاسته.
***
نام کتاب : توضيح الأحكام من بلوغ المرام نویسنده : البسام، عبد الله جلد : 1 صفحه : 169