responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب نویسنده : البجيرمي    جلد : 1  صفحه : 30
الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِيِّ عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ سَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِالْفَضَائِلِ وَهِيَ النِّعَمُ الْقَاصِرَةُ أَمْ بِالْفَوَاضِلِ وَهِيَ النِّعَمُ الْمُتَعَدِّيَةُ فَدَخَلَ فِي الثَّنَاءِ الْحَمْدُ وَغَيْرُهُ وَخَرَجَ بِاللِّسَانِ الثَّنَاءُ بِغَيْرِهِ كَالْحَمْدِ النَّفْسِيِّ وَبِالْجَمِيلِ الثَّنَاءُ بِاللِّسَانِ عَلَى غَيْرِ الْجَمِيلِ.
إنْ قُلْنَا بِرَأْيِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّ الثَّنَاءَ حَقِيقَةٌ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَإِنْ قُلْنَا بِرَأْيِ الْجُمْهُورِ وَهُوَ الظَّاهِرُ إنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي الْخَيْرِ فَقَطْ فَفَائِدَةُ ذَلِكَ تَحْقِيقُ الْمَاهِيَّةِ أَوْ دَفْعُ تَوَهُّمِ إرَادَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ عِنْدَ مَنْ يُجَوِّزُهُ وَبِالِاخْتِيَارِيِّ الْمَدْحُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَبِالْحَمْدَلَةِ حَصَلَ الْإِضَافِيُّ دُونَ الْحَقِيقِيِّ.

قَوْلُهُ: (وَالْحَمْدُ اللَّفْظِيُّ) أَتَى بِالِاسْمِ الْمُظْهَرِ وَهُوَ الْحَمْدُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ اللَّفْظِيُّ، لِأَنَّ الضَّمِيرَ لَا يُوصَفُ. وَقَوْلُهُ: اللَّفْظِيُّ أَيْ الْحَادِثُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَنْقَسِمُ إلَى لُغَوِيٍّ وَعُرْفِيٍّ أج. قَوْلُهُ: (لُغَةً) مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ لُغَةً أَيْ مُنْدَرِجًا فِي اللُّغَةِ أَيْ فِي الْأَلْفَاظِ الْعَرَبِيَّةِ، إذْ اللُّغَةُ الْأَلْفَاظُ الْعَرَبِيَّةُ أَوْ عَلَى التَّمْيِيزِ أَوْ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ، وَهَذَا الْأَخِيرُ أَوْلَى مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ سَمَاعِيًّا لِأَنَّهُ لِكَثْرَتِهِ فِي كَلَامِهِمْ أَشْبَهَ الْقِيَاسِيَّ.
قَوْلُهُ: (بِاللِّسَانِ) ذُكِرَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لِأَنَّ الثَّنَاءَ الذِّكْرُ بِخَيْرٍ وَهُوَ لَا يَكُونُ إلَّا بِاللِّسَانِ، وَالْمُرَادُ بِاللِّسَانِ آلَةُ النُّطْقِ لَا خُصُوصُ الْجَارِحَةِ، فَلَوْ أَوْدَعَ اللَّهُ فِي يَدِ إنْسَانٍ قُوَّةَ النُّطْقِ فَنَطَقَتْ بِهِ كَانَ حَمْدًا.
قَوْلُهُ: (عَلَى الْجَمِيلِ) سَوَاءٌ كَانَ جَمِيلًا عِنْدَ الْحَامِدِ أَوْ الْمَحْمُودِ قِيلَ أَوْ غَيْرِهِمَا اج. " وَعَلَى " فِي قَوْلِهِ عَلَى الْجَمِيلِ تَعْلِيلِيَّةٌ أَيْ لِأَجْلِ الْجَمِيلِ. قَوْلُهُ (الِاخْتِيَارِيِّ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا، أَوْ يُقَالُ الِاخْتِيَارِيُّ هُوَ أَوْ أَثَرُهُ لِيَدْخُلَ الْحَمْدُ عَلَى صِفَاتِهِ تَعَالَى الذَّاتِيَّةِ، فَإِنَّهَا اخْتِيَارِيَّةٌ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلِّقَاتِهَا وَهِيَ الْمَقْدُورَاتُ وَالْمُرَادَاتُ وَالْمَعْلُومَاتُ وَالْمَسْمُوعَاتُ وَالْمُبْصَرَاتُ، وَهَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الِاخْتِيَارِيَّ لَا يَشْمَلُ صِفَاتِ اللَّهِ لِإِشْعَارِهِ بِالْحُدُوثِ.
وَأَجَابَ شَيْخُنَا الْجَوْهَرِيُّ: بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالِاخْتِيَارِيِّ مَا لَيْسَ بِطَرِيقِ الْقَهْرِ فَيَشْمَلُ صِفَاتِ الْبَارِي.
قَوْلُهُ: (عَلَى جِهَةِ التَّعْظِيمِ) حَالٌ مِنْ الثَّنَاءِ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ مَجِيءِ الْحَالِ مِنْ الْخَبَرِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ عَلَى قَصْدِ التَّعْظِيمِ، وَعَلَى لِلِاسْتِعْلَاءِ الْمَجَازِيِّ أَيْ تَمَكُّنِ ذَلِكَ الثَّنَاءِ عَلَى ذَلِكَ الْقَصْدِ، أَوْ بِمَعْنَى " مَعَ " وَالْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ أَيْ عَلَى جِهَةٍ هِيَ التَّعْظِيمُ، فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَعَلُّقُ حَرْفَيْ جَرٍّ بِمَعْنًى وَاحِدٍ بِعَامِلٍ وَاحِدٍ، لِأَنَّ عَلَى فِي قَوْلِهِ عَلَى الْجَمِيلِ لِلتَّعْلِيلِ، وَالثَّانِيَةُ لِلِاسْتِعْلَاءِ الْمَجَازِيِّ أَوْ بِمَعْنَى مَعَ.
قَوْلُهُ: (سَوَاءٌ تَعَلَّقَ) أَيْ وَقَعَ فِي مُقَابَلَةِ الْفَضَائِلِ، وَسَوَاءٌ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَتَعَلَّقَ فِي تَأْوِيلِ مَصْدَرٍ مُبْتَدَأٍ مُؤَخَّرٍ أَيْ تَعَلُّقُهُ بِالْفَضَائِلِ وَالْفَوَاضِلِ، سَوَاءٌ فِي أَنَّ الثَّنَاءَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا حَمِدَ. وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ التَّسْوِيَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ شَيْئَيْنِ، وَكَوْنُ أَمْ بِمَعْنَى الْوَاوِ بَعِيدٌ، فَالْأَوْلَى تَقْدِيرُ إنْ بَعْدَ سَوَاءٌ، وَسَوَاءٌ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، وَالتَّقْدِيرُ إنْ تَعَلَّقَ بِالْفَضَائِلِ أَمْ بِالْفَوَاضِلِ فَالْأَمْرَانِ سَوَاءٌ، فَفِي الْكَلَامِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ وَحَذْفٌ، وَالْمُرَادُ بِالْفَضَائِلِ النِّعَمُ الْقَاصِرَةُ وَهِيَ الَّتِي لَا يَتَوَقَّفُ الِاتِّصَافُ بِهَا عَلَى تَعَدِّي أَثَرِهَا لِلْغَيْرِ كَالْعِلْمِ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يُوصَفُ بِالْعِلْمِ وَإِنْ لَمْ يُعَلِّمْ كَالطَّالِبِ الَّذِي يُعْلَمُ عِلْمُهُ مِنْ سُؤَالِهِ أَوْ مِنْ كَلَامِهِ، وَالْفَوَاضِلُ جَمْعُ فَاضِلَةٍ وَهِيَ الَّتِي يَتَوَقَّفُ الِاتِّصَافُ بِهَا عَلَى تَعَدِّي أَثَرِهَا لِلْغَيْرِ كَالْكَرَمِ وَالشَّجَاعَةِ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يُوصَفُ بِالْكَرَمِ إلَّا بِالْإِعْطَاءِ، وَلَا بِالشَّجَاعَةِ إلَّا بِالْإِقْدَامِ عَلَى الْمَهَالِكِ، فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنْ أُرِيدَ بِالْعِلْمِ وَبِالْكَرَمِ الْمَلَكَةُ كَانَا مِنْ النِّعَمِ الْقَاصِرَةِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِمَا الْأَثَرُ كَالتَّعْلِيمِ وَالْإِعْطَاءِ كَانَا مِنْ الْمُتَعَدِّيَةِ.
قَالَ الإطفيحي: وَلَا بُدَّ مِنْ تَأْوِيلِ الْكَرَمِ وَالْعِلْمِ وَالشَّجَاعَةِ بِأَثَرِهَا لِتَكُونَ فِعْلًا اخْتِيَارِيًّا كَالْإِعْطَاءِ وَالتَّعْلِيمِ وَالْإِقْدَامِ عَلَى الْعَدُوِّ فِي الْمَعَارِكِ لِأَنَّهَا كَمَا تُطْلَقُ عَلَى الْمَلَكَةِ تُطْلَقُ عَلَى آثَارِهَا.
وَفِي الْفَنَارِيِّ عَلَى الْمُطَوَّلِ: وَاعْلَمْ أَنَّ سَوَاءً بِمَعْنَى الِاسْتِوَاءِ يُوصَفُ بِهِ كَمَا يُوصَفُ بِالْمَصَادِرِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا} [آل عمران: 64] قَوْلُهُ: (إنْ قُلْنَا بِرَأْيِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ) وَمُسْتَنَدُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنْتُمْ شُهَدَاءُ اللَّهِ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ وَمَنْ أَثْنَيْتُمْ عَلَيْهِ شَرًّا فَهُوَ شَرٌّ» اهـ. وَهَذَا إنَّمَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ لَوْ كَانَ التَّقْيِيدُ بِالْجَمِيلِ فِي الْمَحْمُودِ بِهِ كَأَنْ يُقَالَ الثَّنَاءُ بِالْجَمِيلِ عَلَى الْجَمِيلِ، وَأَمَّا حَيْثُ كَانَ فِي الْمَحْمُودِ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْجَمِيلِ الِاخْتِيَارِيِّ عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَلَعَلَّ الشَّارِحَ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْمَحْمُودُ عَلَيْهِ بِالْمَحْمُودِيَّةِ.
فَالْحَاصِلُ؛ أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِقَوْلِهِ عَلَى الْجَمِيلِ، وَلَوْ قُلْنَا الثَّنَاءُ خَاصٌّ بِالْخَبَرِ، وَمَنْ يَقُولُ إنَّ الثَّنَاءَ حَقِيقَةٌ فِي الْخَيْرِ فَقَطْ

نام کتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب نویسنده : البجيرمي    جلد : 1  صفحه : 30
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست