responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب نویسنده : البجيرمي    جلد : 1  صفحه : 72
وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِهَا لِشَرَفِهَا عَلَى الْأَرْضِ كَمَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي الْمَجْمُوعِ. وَهَلْ الْمُرَادُ بِالسَّمَاءِ فِي الْآيَةِ الْجِرْمُ الْمَعْهُودُ أَوْ السَّحَابُ؟ قَوْلَانِ. حَكَاهُمَا النَّوَوِيُّ فِي دَقَائِقِ الرَّوْضَةِ، وَلَا مَانِعَ أَنْ يَنْزِلَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا.

(وَ) ثَانِيهَا (مَاءُ الْبَحْرِ) الْمَالِحُ لِحَدِيثِ: «هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَسُمِّيَ بَحْرًا لِعُمْقِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَمَا لِلسَّمَاءِ لَا تَبْكِي عَلَى عَبْدٍ كَانَ تَسْبِيحُهُ وَتَكْبِيرُهُ فِيهَا يُدَوِّي كَدَوِيِّ النَّحْلِ. قِيلَ: بُكَاءُ السَّمَاءِ حُمْرَةُ أَطْرَافِهَا اهـ. وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ إلَّا وَلَهُ بَابَانِ بَابٌ يَصْعَدُ مِنْهُ عَمَلُهُ وَبَابٌ يَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ فَإِذَا مَاتَ بَكَى عَلَيْهِ بَابُ عَمَلِهِ» وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ذَكَرَهُ النَّبِتِيتِيُّ عَلَى الْمِعْرَاجِ.
قَوْلُهُ: (لِشَرَفِهَا عَلَى الْأَرْضِ إلَخْ) هَذَا مَا اعْتَمَدَهُ الْمُؤَلِّفُ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَ غَيْرِهِ أَنَّ الْأَرْضَ أَفْضَلُ وَعَلَيْهِ مَشَايِخُنَا اهـ ق ل. قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي شَرْحِهِ: وَمَكَّةُ أَيْ وَكَذَا بَقِيَّةُ الْحَرَمِ أَفْضَلُ الْأَرْضِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي لَا تَقْبَلُ النِّزَاعَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ، وَأَفْضَلُ بِقَاعِهَا الْكَعْبَةُ الْمُشَرَّفَةُ ثُمَّ بَيْتُ خَدِيجَةَ بَعْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، نَعَمْ التُّرْبَةُ الَّتِي ضَمَّتْ أَعْضَاءَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ مَا مَرَّ حَتَّى مِنْ الْعَرْشِ اهـ. وَقَالَ وَالِدُهُ فِي حَوَاشِي الرَّوْضِ: وَأَفْضَلُ مِنْ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَمِنْ الْعَرْشِ وَالْكُرْسِيِّ وَالْجَنَّةِ.
فَإِنْ قِيلَ: يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - يُنْقَلُ مِنْ أَفْضَلَ لِمَفْضُولٍ. وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ خُلِقَ مِنْ تِلْكَ التُّرْبَةِ، فَلَوْ كَانَ ثَمَّ أَفْضَلُ مِنْهَا لَخُلِقَ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا قِيلَ «إنَّ صَدْرَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمَّا شُقَّ غُسِلَ بِمَاءِ زَمْزَمَ» ، فَلَوْ كَانَ ثَمَّ أَفْضَلُ مِنْهُ لَغُسِلَ بِذَلِكَ الْأَفْضَلِ عَلَى أَنَّهُ وَرَدَ: «مَا بَيْنَ قَبْرِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ» فَإِنْ حُمِلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا مِنْ الْجَنَّةِ حَقِيقَةً زَالَ الْإِشْكَالُ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْبَيْنِيَّةِ مَا بَيْنَ ابْتِدَاءِ قَبْرِي أَيْ لَا مِنْ آخِرِهِ رَوْضَةٌ، فَيَكُونُ الْقَبْرُ دَاخِلًا فِي الرَّوْضَةِ اهـ.
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: زَالَ الْإِشْكَالُ يَعْنِي بِأَنْ يُنْقَلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ بِعَيْنِهِ فِي الْآخِرَةِ إلَى الْجَنَّةِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ، وَقَالَ أَيْضًا فِي مَعْنَاهُ أَيْ كَرَوْضَةٍ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ فِي نُزُولِ الرَّحْمَةِ وَحُصُولِ السَّعَادَةِ بِمَا يَحْصُلُ مِنْ مُلَازَمَةِ حِلَقِ الذِّكْرِ فِيهَا، فَيَكُونُ تَشْبِيهًا بِغَيْرِ أَدَاةٍ، أَوْ الْمَعْنَى أَنَّ الْعِبَادَةَ فِيهَا تُؤَدِّي إلَى الْجَنَّةِ فَيَكُونُ مَجَازًا هَذَا مُحَصَّلُ مَا أَوَّلَهُ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ.
وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ ابْنِ حَجَرٍ أَنَّ قُبُورَ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ أَفْضَلُ مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، كَقَبْرِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاَلَّذِي فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمِنْهَاجِ كَشَرْحِ م ر لَمْ تُسْتَثْنَ فِيهِ إلَّا الْبُقْعَةُ الَّتِي ضَمَّتْ أَعْضَاءَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَضِيَّةُ اقْتِصَارِهِمَا عَلَيْهَا اخْتِصَاصُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ لَهَا دُونَ غَيْرِهَا مِمَّا ذُكِرَ اهـ. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَبْقَى النَّظَرُ فِيمَا ضَمَّ رُوحَهُ الشَّرِيفَةَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَلْ هُوَ أَفْضَلُ مِمَّا ضَمَّ الْأَعْضَاءَ أَوْ مُسَاوِيهِ فِي الْفَضْلِ أَوْ مَا ضَمَّ أَعْضَاءَهُ الشَّرِيفَةَ أَفْضَلُ مِمَّا ضَمَّ رُوحَهُ الشَّرِيفَةَ؟ حَرِّرْهُ.
قَوْلُهُ: (فِي الْمَجْمُوعِ) اعْتَمَدَهُ الرَّمْلِيُّ قَوْلُهُ: (أَنْ يَنْزِلَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ يَنْزِلَ عَلَى التَّعَاقُبِ مِنْ الْجِرْمِ أَوَّلًا وَمِنْ السَّحَابِ ثَانِيًا، فَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ. قَالَ السُّيُوطِيّ: وَفِي الْحَدِيثِ: «إنَّ الْمَطَرَ ثَمَرُ شَجَرَةٍ فِي الْجَنَّةِ يَنْفَتِحُ لَهُ أَزْهَارُهَا فَيَخْرُجُ فَسُبْحَانَ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ» . وَفِي الْحَدِيثِ أَيْضًا: «مَا مِنْ سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إلَّا وَالسَّمَاءُ تُمْطِرُ إلَّا أَنَّ اللَّهَ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ شَاءَ» اهـ. وَأَفْضَلُ السَّمَوَاتِ السَّمَاءُ الَّتِي فِيهَا الْعَرْشُ، وَأَفْضَلُ الْأَرَضِينَ الْأَرْضُ الَّتِي نَحْنُ عَلَيْهَا. وَسُئِلَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ هَلْ كَانَتْ أَيَّامٌ مَوْجُودَةٌ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ؟ فَأَجَابَ. بِأَنَّ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَخَلْقَ الْأَيَّامِ كَانَ دُفْعَةً وَاحِدَةً مِنْ غَيْرِ تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، وَأَطَالَ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى ذَلِكَ فِي الْفَتَاوَى. قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي: وَحَاصِلُ جَوَابِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِسَائِلِهِ عَنْ خَلْقِ الْأَرْضِ وَالسَّمَوَاتِ أَيُّهُمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ بَدَأَ خَلْقَ الْأَرْضِ فِي يَوْمَيْنِ غَيْرَ مَدْحُوَّةٍ، ثُمَّ خَلَقَ السَّمَوَاتِ فَسَوَّاهَا فِي يَوْمَيْنِ، ثُمَّ دَحَا الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَسَطَهَا وَجَعَلَ فِيهَا الرَّوَاسِيَ وَغَيْرَهَا فِي يَوْمَيْنِ، فَتِلْكَ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ لِلْأَرْضِ.

نام کتاب : حاشية البجيرمي على الخطيب = تحفة الحبيب على شرح الخطيب نویسنده : البجيرمي    جلد : 1  صفحه : 72
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست