responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) نویسنده : ابن عابدين    جلد : 1  صفحه : 10
لَك يَا مَنْ شَرَحْت صُدُورَنَا بِأَنْوَاعِ الْهِدَايَةِ سَابِقًا، وَنَوَّرْت بَصَائِرَنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الْأَمَاكِنِ الْمُسْتَقْذَرَةِ، وَتَحْرُمُ بَعْدَ أَكْلِ الْحَرَامِ، بَلْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي كُفْرِهِ

(قَوْلُهُ: لَك) آثَرَ الْخِطَابَ عَلَى اسْمِ اللَّهِ تَعَالَى الدَّالَّ عَلَى اسْتِجْمَاعِهِ لِجَمِيعِ صِفَاتِ الْكَمَالِ إشَارَةً إلَى أَنَّ هَذَا الِاسْتِجْمَاعَ مِنْ الظُّهُورِ بِحَيْثُ لَا يَحْتَاجُ إلَى دَلَالَةٍ عَلَيْهِ فِي الْكَلَامِ، بَلْ رُبَّمَا يَدَّعِي أَنَّ تَرْكَ ذِكْرِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَوْفَقُ لِمُقْتَضَى الْمَقَامِ، بَلْ الْمُهِمُّ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنْ قَوِيَ لِلْحَامِدِ مُحَرِّكُ الْإِقْبَالِ وَدَاعِي التَّوَجُّهِ إلَى جَنَابِهِ عَلَى الْكَمَالِ، حَتَّى خَاطَبَهُ مُشْعِرًا بِأَنَّهُ تَعَالَى كَأَنَّهُ مُشَاهَدٌ لَهُ حَالَةَ الْحَمْدِ لِرِعَايَةِ مَرْتَبَةِ الْإِحْسَانِ، وَهُوَ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّك تَرَاهُ، أَوْ بِأَنَّهُ تَعَالَى قَرِيبٌ مِنْ الْحَامِدِ كَمَا قَالَ تَعَالَى - {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16]- وَإِنْ كَانَ الْحَامِدُ لِنُقْصَانِهِ فِي كَمَالِ الْبُعْدِ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ يَا الْمَوْضُوعَةُ لِنِدَاءِ الْبَعِيدِ عَلَى مَا قِيلَ، فَفِي الْإِتْيَانِ بِهَا هَضْمٌ لِنَفْسِهِ وَاسْتِبْعَادٌ لَهَا عَنْ مَظَانِّ الزُّلْفَى كَمَا أَفَادَهُ الْخَطَّابِيُّ وَالْبَزْدَوِيُّ (قَوْلُهُ: يَا مَنْ شَرَحْت) الْأَوْلَى شَرَحَ كَمَا عَبَّرَ فِي مُخْتَصَرِ الْمَعَانِي، لِأَنَّ الْأَسْمَاءَ الظَّاهِرَةَ كُلَّهَا غَيْبٌ سَوَاءٌ كَانَتْ مَوْصُولَةً أَوْ مَوْصُوفَةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمِفْتَاحِ، لَكِنْ بِمُرَاعَاةِ جَانِبِ النِّدَاءِ الْمَوْضُوعَةِ لِلْمُخَاطَبِ يَسُوغُ الْخِطَابُ نَظَرًا إلَى الْمَعْنَى. وَذَكَرَ فِي الْمُطَوَّلِ أَنَّ قَوْلَ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ. أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ. قَبِيحٌ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ. وَاعْتَرَضَهُ حَسَنٌ جَلَبِي بِأَنَّ الِالْتِفَاتَ مِنْ أَتَمِّ وُجُوهِ تَحْسِينِ الْكَلَامِ فَلَا وَجْهَ لِلتَّقْبِيحِ، لِأَنَّهُ الْتِفَاتٌ مِنْ الْغَيْبَةِ إلَى التَّكَلُّمِ، وَفِيهِ تَغْلِيبُ جَانِبِ الْمَعْنَى عَلَى جَانِبِ اللَّفْظِ، عَلَى أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَى النَّحْوِيِّينَ - {بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ} [النمل: 55]- فَلَوْ كَانَ فِيهِ قَبَاحَةٌ لَمَا وَقَعَ فِي كَلَامٍ هُوَ فِي أَعْلَى طَبَقَاتِ الْبَلَاغَةِ. اهـ. أَقُولُ: وَلَا يَخْفَى مَا فِي قَوْلِهِ عَلَى أَنَّهُ يَرُدُّ إلَخْ مِنْ اللَّطَافَةِ عِنْدَ أَهْلِ الظَّرَافَةِ، وَفِي مُغْنِي اللَّبِيبِ فِي بَحْثِ الْأَشْيَاءِ الَّتِي تَحْتَاجُ إلَى رَابِطٍ أَنَّ نَحْوَ: أَنْتَ الَّذِي فَعَلْت مَقِيسٌ لَكِنَّهُ قَلِيلٌ، وَإِذَا تَمَّ الْمَوْصُولُ بِصِلَتِهِ انْسَحَبَ عَلَيْهِ حُكْمُ الْخِطَابِ، وَلِهَذَا قِيلَ قُمْتُمْ. وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الِالْتِفَاتِ لِأَنَّ آمَنُوا مُغَايَبَةً قُمْتُمْ مُوَاجَهَةً فَقَدَّمُوهَا. اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لَمْ يَتِمَّ الْمَوْصُولُ بِصِلَتِهِ: أَيْ لَمْ يَأْتِ الضَّمِيرُ بَعْدَ تَمَامِ الصِّلَةِ، فَدَعْوَى الِالْتِفَاتِ فِيهِ صَحِيحَةٌ (قَوْلُهُ: شَرَحْت صُدُورَنَا) أَصْلُ الشَّرْحِ بَسْطُ اللَّحْمِ وَنَحْوِهِ وَمِنْهُ شَرْحُ الصَّدْرِ: أَيْ بَسْطُهُ بِنُورٍ إلَهِيٍّ. وَقِيلَ مَعْنَاهُ التَّوْسِعَةُ مُطْلَقًا، وَيُقَابِلُهُ الضِّيقُ - {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ} [الأنعام: 125]- الْآيَةُ، وَفُسِّرَ فِي آيَةِ - {أَلَمْ نَشْرَحْ} [الشرح: 1]- بِتَوْسِعَتِهِ بِمَا أَوْدَعَ فِيهِ مِنْ الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ، وَخَصَّ الصُّدُورَ لِأَنَّهَا ظُرُوفُ الْقُلُوبِ الْمُلُوكِ عَلَى سَائِرِ الْجَوَارِحِ، لِأَنَّهَا مَحَلُّ الْعَقْلِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ خِيَارِ الْعَيْبِ؛ أَوْ الْمُرَادُ بِهَا الْقُلُوبُ، وَاتِّسَاعُهَا كِنَايَةٌ عَنْ كَثْرَةِ مَا يَدْخُلُ فِيهَا مِنْ الْحِكَمِ الْإِلَهِيَّةِ وَالْمَعَارِفِ الرَّبَّانِيَّةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْوَاعِ: الْهِدَايَةِ) قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: الْهِدَايَةُ دَلَالَةٌ بِلُطْفٍ وَلِذَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ وقَوْله تَعَالَى - {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} [الصافات: 23]- عَلَى التَّهَكُّمِ وَهِدَايَةُ اللَّهِ تَعَالَى تَتَنَوَّعُ أَنْوَاعًا لَا يُحْصِيهَا عَدَدٌ لَكِنَّهَا تَنْحَصِرُ فِي أَجْنَاسٍ مُتَرَتِّبَةٍ: الْأَوَّلُ إفَاضَةُ الْقُوَى الَّتِي بِهَا يَتَمَكَّنُ الْمَرْءُ مِنْ الِاهْتِدَاءِ إلَى مَصَالِحِهِ كَالْقُوَّةِ الْعَاقِلَةِ وَالْحَوَاسِّ الْبَاطِنَةِ وَالْمَشَاعِرِ الظَّاهِرَةِ. وَالثَّانِي نَصْبُ الدَّلَائِلِ الْفَارِقَةِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَالصَّلَاحِ وَالْفَسَادِ. وَالثَّالِثُ الْهِدَايَةُ بِإِرْسَالِ الرُّسُلِ وَإِنْزَالِ الْكُتُبِ. وَالرَّابِعُ أَنْ يَكْشِفَ عَلَى قُلُوبِهِمْ السَّرَائِرَ وَيُرِيَهُمْ الْأَشْيَاءَ كَمَا هِيَ بِالْوَحْيِ أَوْ الْإِلْهَامِ أَوْ الْمَنَامَاتِ الصَّادِقَةِ وَهَذَا مُخْتَصٌّ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ اهـ مُلَخَّصًا (قَوْلُهُ: سَابِقًا) حَالٌ مِنْ مَصْدَرِ شَرَحْتَ: أَيْ جَعَلْتَ صُدُورَنَا قَابِلَةً لِلْخَيْرَاتِ حَالَ كَوْنِ الشَّرْحِ سَابِقًا أَوْ صِفَةٌ لِذَلِكَ الْمَصْدَرِ. اهـ. ط. أَقُولُ: أَوْ صِفَةٌ لِزَمَانٍ أَيْ زَمَانًا سَابِقًا فَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ: أَيْ حِينَ أَخَذَ الْمِيثَاقَ أَوْ حِينَ وُلِدْنَا عَلَى الْفِطْرَةِ أَوْ عَقَلْنَا الدِّينَ الْحَقَّ وَاخْتَرْنَا الْبَقَاءَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَنَوَّرْتَ بَصَائِرَنَا) النُّورُ كَيْفِيَّةٌ ظَاهِرَةٌ بِنَفْسِهَا مُظْهِرَةٌ لِغَيْرِهَا

نام کتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) نویسنده : ابن عابدين    جلد : 1  صفحه : 10
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست