الشرع يريده كاملاً لا يورد فيه ما دل على إجزاء البعض فيه كما في بقية الفروض التي قصد الشرع غسلها كاملة كاليد مثلاً، فليس لقائل أن يقول: يغسل الإنسان ثلث يده لأنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: [الثُّلُثُ، والثُّلُثُ كَثِير] لأننا نقول إن اليد أمر الشرع بغسلها كلها، وكذلك هنا في الرأس أمر بمسحه كله، فلا يستقيم الإحتجاج بهذا الحديث، وبهذا يترجح القول بمسح الرأس كله والله تعالى أعلى وأعلم.
والسنة عنه عليه الصلاة والسلام في مسحه لشعره: أنه بدأ من مقدمه حتى بلغ قفاه، ثم رجع إلى مُقَدَّمِهِ هكذا ثبت عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديث عبد الله بن زيد -رضي الله عنه وأرضاه- قال: [بدأ بمقدم رأسه حتى بلغ قفاه ثم ردهما إلى الموضع الذي، بدأ منه].
وقال بعض العلماء: بل يبدأ من القفا حتى يصل بهما إلى المقدم، ثم يعود إلى القفا، واحتجوا بحديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه المتقدم وفيه: " أَقبلَ بِهما، وأَدبر " قالوا: " أقبل بهما " أي: من القفا إلى المُقَدَّمِ، وأدبر أي: ردهما إلى القَفَا.
والذي يظهر: أن قوله: [أقْبَلَ بِهما، وأَدبر] من باب تقديم المؤخر، وتأخير المُقَدَّمِ وهو معنى معروف في لغة العرب أنهم يقولون: أقْبلَ، وأَدبر، ومرادهم: أنه أدبَر، ثم أقْبل، ومنه قول إمرؤ القيس يصف جوادَه:
مِكَرٍ مِفَرٍ مقْبِلٍ مُدْبرٍ مَعاً ... كجُلْمُود ِصَخْرٍ حَطهُ السيلُ مِنْ عَلِ