الصلاة والسلام: [أَرِيقُوا عليْه سَجْلاً منْ ماءٍ] فدلّ على سماحة الشريعة، ويسرها، فإنّ صَبَّ الماء على هذا الوجه أرفق بالناس.
وقوله رحمه الله: [غسلة واحدة]؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: [أَرِيقُوا عليْه سَجْلاً منْ ماءٍ] فلم يشترط سجلين، أو ثلاثة، فدلّ على أنّ الواجب، والمجزئ صبّةٌ واحدةٌ بشرط ما قدمنا، وهو أن تكون أكثر من النجاسة بحيث يحصل بها التطهير، وهذا الشرط أشار إليه المصنف رحمه الله بقوله:
[تَذْهَبُ بِعَيْنِ النّجاسةِ]: فلا بد من كونها تذهب بالنجاسة فلا يجزئ ما كان أقل من النجاسة، أو مثلها بحيث لا يغلب على الظن زوالها به، فيلزمه أن يزيد عليها فتكون أكثر من صبة إذا لم تزل؛ لأن الشرع قصد إزالة النجاسة، فإذا بقي أثرها كان صب الماء وجوده، وعدمه على حدٍّ سواء في إزالتها، ولذلك لا بد من أن يكون الماء المصبوب أكثر من النجاسة حتى تحصل غلبة الظن بزوالها، هذا كله إذا كانت الأرض ترابية، أما إذا كان ما على الأرض من القماش، ونحوه مما يُمكن رفعُه، وغسله، وتطهيره فإنه حينئذ يُرفع، ويُغسل؛ كالثوب؛ ولذلك يرفع القدر الذي أصابته النجاسة، ويصب عليه الماء هذه طريقة، أو يعصره إذا أمكن عصره، وأما إذا لم يمكن عصره مثل ما هو موجود الآن من السجاد البساط الموكيت، ونحوه مما يشقُّ فيه العصر فإنه يكفيه صب الماء، ثم يسحبُ، ويُشْفَط، أو يُنْصَبُ، ويجفّفُ حتى يغلب على ظنك أن النجاسة قد زالت، لأن مكاثرة الصبّ تُذهب عينَ النجاسة، وأثرها، ولا يشترط أمر زائد على ذلك.