نام کتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر جلد : 1 صفحه : 341
وانظُرْ هلْ يُتصوَّرُ أنْ يكونَ بشَّار قد أخْطَرَ معاني هذهِ الكَلمِ ببالِه أفرادا عاريةً من معاني النحوِ التي تراها فيها، وأن يكونَ قد وقَع "كأنَّ" في نَفْسه مِنْ غَير أن يكونَ قصَد إيقاعَ التشبيهِ منه على شيءٍ، وأنْ يَكون فكَّرَ في "مُثار النقعِ" مِنْ غَيْر أنْ يكونَ أرادَ إضافةَ الأول إلى الثاني، وفكَّرَ في "فوق رؤوسِنا" مِن غَيْر أنْ يكونَ قد أراد أن يُضيفَ "فوقَ" إلى الرؤوس، وفي (الأسيافِ) من دونِ أنْ يكونَ أرادَ عطْفَها بـ (الواو) على "مُثار" وفي (الواو) من دون أن يكون أرادَ العطْفَ بها، وأن يكون كذلك فكَّرَ في "الليل" من دون أن يكون أرادَ أنْ يَجعلَهُ خبراً لكأن، وفي "تَهاوى كَواكِبُه" من دونِ أن يكون أرادَ أن يَجْعَلَ "تهاوى" فعلاً للكواكبِ، ثم يَجْعَلَ الجملةَ صفةً لِلَّيلِ لِيَتِمَّ الذي أراد من التشبيه؟ أمْ لمْ تَخْطُر هذه الأشياءُ ببالِه إلاَّ مُراداً فيها هذهِ الأحكامُ والمعاني التي تَراها فيها؟
وليت شِعْري، كيفَ يُتصوَّر وُقوعُ قصدٍ منكَ إلى معنى كلمةٍ مِنْ دون أن تريد تَعْليقها بمعنى كلمة أخرى. ومعْنى القَصدِ إلى معاني الكَلِم أنْ تُعْلِمَ السامِعَ بها شيئاً لا يَعْلَمُه؟ ومعلومٌ أنَّكَ أيها المتكلمُ لستَ تقصد أن تُعْلِمَ السامعَ معاني الكَلِم المفردة التي تكلُمُه بها، فلا تقولُ: (خرج زيد): لِتُعْلِمَه معنى [خرَج] في اللغةَ ومعنى [زيدٌ]، كيف ومُحالٌ أن تُكَلِّمَه بألفاظٍ لا يعرف هو معانيها كما تعرف؟ لهذا لم يكنْ الفِعْلُ وحدَهُ مِن دون الاسم ولا الاسمُ وحدَه من دون اسم آخَرَ أوفعلٍ كلاماً، وكنتَ لو قلت "خرَج" ولم تأتِ باسمٍ ولا قدَّرْتَ فيه ضميرَ الشيء، أو قلْتَ: (زيد) ولم تَأْتِ بفعلٍ ولا اسْمٍ آخَرَ، ولم تُضْمِرْهُ في نفسك - كان ذلك، وصوتاً تصُوته سواءٌ، فاعرْفه!
نام کتاب : دلائل الإعجاز - ت الأيوبي نویسنده : الجرجاني، عبد القاهر جلد : 1 صفحه : 341