نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 346
ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ الجاثية: 29.
فكتاب الأعمال، حيّ شاخص، ينطق، ويتكلم بما يحتويه من أعمال الإنسان المدوّنة، وتدوين الأعمال أو نسخها متفاعلة في السياق، مع نطق الكتاب بها يوم القيامة، فالدنيا للتدوين والتسجيل، والآخرة للشهادة والنطق بالأحكام.
والتصوير ينوّع في رسم المشاهد، فمرّة يلمس الإنسان وحالته عند ما يتلقى كتابه، ومرّة يلمس الكتاب المدوّن ويشخّصه، ويجعله حاضرا ينطق ويتكلم ويشهد على صاحبه، وهذا من قبيل تنويع الصور، لإبراز الحقائق الدينية، واستيفائها، واستخدام الأساليب الفنية المتعددة، لتحقيق التأثير النفسي، ويمضي تصوير الإنسان وهو مسوق للحساب، ومعه سائق وشهيد، وكأنّه يساق إلى المحكمة المعروفة، ليسمع رأي القضاء في ما فعله هذا الإنسان، وهذا كلّه من قبيل تقريب يوم القيامة من الأذهان من خلال الصور المألوفة لدى البشر، في مثل هذه الحالات والظروف.
يقول تعالى: وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ ق: 21، ثم يتوجّه الخطاب للإنسان مباشرة لتحقيق الغرض الديني من تصوير هذا المشهد لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ق: 22، ثم يتقدّم الملك الموكل به، بتقديم سجلّ أعمال الإنسان إلى المحكمة وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ ق: 23، وتترك الصورة بعد ذلك تفصيلات أخرى متعلقة بالمشهد، يستحضرها الخيال، فيراجع سجل الأعمال بنفسه، ثم ينتظر الحكم عليها، ولكنّ المشهد لا يبرز الحكم مباشرة، ولكنه يوحي به من خلال النتيجة، إمّا في النعيم وإمّا في العذاب.
وهذه الطريقة في التصوير، تجعل الإنسان، يتفاعل مع المشهد، ويكمل بعض تفصيلاته بنفسه، لتحقيق الغرض الديني والتأثير النفسي في المشهد المعروض.
وتتواصل الصور، وتترابط في رسم مشهد الحساب، بكلّ ما فيه من أعمال مجسّمة، ووزن، ووزّان، وميزان، وسائق، وشهود، لتحقيق التأثير الديني من خلال هذا التصوير لليوم الآخر.
والميزان، دقيق، يزن الذرّة، وكان المفسرون يعرّفونها بأنها الهباءة المتناثرة التي ترى في
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 346