responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب    جلد : 1  صفحه : 348
على صاحبها، لأنّ هذه الحواس ملازمة للإنسان عند ما اقترف الآثام والذنوب.
يقول تعالى: حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ، وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ، وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ، وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي
ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ، فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ ...
فصلت: 20 - 24.
فهذه الصورة مثيرة ومخيفة، يتّحد فيها الزمان والمكان، والأعمال الظاهرة والمستترة، ما يعرفه الإنسان وما ينساه .. فكلّ حياة الإنسان على امتداد الزمان والمكان، والأعمال الخفية والظاهرة، تعرض من خلال شهادة الحواس الملازمة للإنسان، والتي كانت هي الأداة المنفّذة لتلك الأعمال.
وتبرز قدرة الله سبحانه في إقامة الحجة على الإنسان من نفسه أيضا، بالإضافة إلى شهادة الملكين، وشهادة الرسل، ومراقبة الله له، الذي يعلم السرّ وأخفى.
ويعتمد تصوير مشهد الشهادة على الحوار، لإحيائه وجعله حاضرا، وزيادة تأثيره في النفس. وقد أجري الحوار مباشرة مع الجلود، لأنها تشمل جميع الحواس الأخرى، وهي أكثر دلالة على صدق الشهادة وعموميتها لأن الإنسان قد يعيش بدون سمع، أو بدون بصر، لكنه لا يعيش بدون هذا الجلد الذي هو بمنزلة الوعاء للروح وبقية الحواس، لهذا نابت الجلود في الحوار عن بقية الحواس، لإقامة الحجة على الإنسان، ولهذا جسّمت آثار هذه الشهادة في نفس الإنسان في الاستفهام المعبّر عن الاستغراب والدهشة لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا؟ ثم عرضت حقائق العقيدة من خلال هذا الحوار المصوّر، فبرزت قدرة الله في نطق الحواس وشهادتها، وحوارها مع أصحابها.
وتكشف الصورة عن جهل الإنسان بحقيقة الألوهية، حين ظنّ أنه يمكن أن يخفي أعماله ويسترها، وهذا الظن أو السلوك، هو الذي يردي صاحبه في النار، وهكذا يتقرّر العدل الإلهي، من خلال تصوير مشهد الحساب، ويتحقّق الغرض الديني منه.
وبعد شهادة الحواس، والرسل والملكين، وسجل الأعمال، والوزن، والميزان، لا يقبل الاعتذار لأنّ زمان الندم قد فات وحان يوم الجزاء على الأعمال.

نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب    جلد : 1  صفحه : 348
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست