نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 350
يَخْتَصِمُونَ، تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ، إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ، وَما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ، فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ، فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الشعراء: 92 - 102.
فهذا المشهد المعروض هنا هو من مشاهد القيامة، ولكنّ القرآن يعرضه وكأنه حاضر الآن، فيوجّه السؤال المباشر لهم، ويتكرر السؤال، ويترك الجواب بدون تحديد، لأنه مفهوم من السياق، ثم الأفعال المضارعة، ساعدت على استحضار المشهد، وبعث الحياة فيه «تعبدون، ينصرونكم، ينتصرون، يختصمون ... »
ويزيد الحوار من حيوية المشهد، وتأثيره في النفوس قالُوا وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ ....
وتعرض الحقائق الدينية، على ألسنتهم، بعد أن اتضحت لهم، وانكشفت، فمساواة هذه الآلهة بالله رب العالمين، ضلال وشرك، وكذلك الانقياد للمجرمين، ثم في اليوم الآخر لا تنفع إلا الأعمال، فليست هناك شفاعة أو صديق حميم، يساعد صديقه، ولم تبق إلا الأمنيات التي فات أوانها، زيادة في إظهار ألمهم وحسرتهم. ويلاحظ هنا كبكبة الأتباع والمتبوعين في النار، مع إبليس وجنوده أيضا، لأن إبليس هو الذي يوسوس للإنسان، ويغويه بالضلال.
وذكر إبليس هنا، يوحي بأنهم أتباع الشيطان، الذي هو عدو الإنسان الأول.
وتعرض الصورة مشهدا آخر للأتباع والمتبوعين، والمتبوعون هذه المرة هم الشياطين، والأتباع من الإنس، وينشأ بينهم الجدال والخصام، واتهام كل فريق للآخر، وتتضح الحقائق، والطبائع، من خلال الحوار الدائر بين الفريقين يقول تعالى: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ، قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ، قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ، وَما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ، فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ، فَأَغْوَيْناكُمْ، إِنَّا كُنَّا غاوِينَ، فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ الصافات: 27 - 33.
فالشياطين ضالّون بطبيعتهم، لهذا فهم يقومون بدور إغواء الإنسان لتضليله عن الطريق السوي، والإنسان، ليس ضالا بطبعه، ولكنه مستعدّ له، حين يعطّل حواسه، ويغفل عن ربه، فجريمته لا تقل عن جريمة الشيطان، لهذا اشترك الأتباع والمتبوعون في المصير في النار، كما كانوا مشتركين في الدنيا في الضلال والفساد.
والمتبوعون قد يكونون من البشر أيضا، يقومون بالدور نفسه الذي تقوم به الشياطين
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 350