نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 352
مِنْ مَحِيصٍ إبراهيم: 21.
فما زال الأتباع- في هذا المشهد- على غبائهم وسذاجتهم، وانقيادهم للمتبوعين، اعتقادا منهم أنّ المتبوعين يملكون قدرة فائقة على دفع العذاب عنهم، ولكنّ الصورة لا تترك هؤلاء الذيول الضعاف على تصوراتهم في أسيادهم كما كانوا في الدنيا يفعلون ويعتقدون، فها هم أولاء أمامهم عاجزون ضعفاء مثلهم أيضا.
ويكرّر القرآن الكريم تصوير مشهد الأتباع والمتبوعين، وما يدور بينهم من حوار واتهام وخصام، وذلك لأهمية الدور الذي يقوم به المتبوعون في الدنيا بإضلال أتباعهم عن الطريق المستقيم.
يقول تعالى: وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ، إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ، وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ، وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ البقرة: 165 - 167.
والتركيز في هذا المشهد، على إبراز تبرؤ المتبوعين من أتباعهم، يوم القيامة، وتمني الأتباع أن يعودوا إلى الدنيا، بعد أن عرفوا حقيقة متبوعيهم لكي يتبرءوا منهم أيضا.
وهذا المشهد من مشاهد القيامة، يعرض على الأتباع، وهم ما زالوا في الدنيا، ليحذرهم من هذا الانقياد المعروفة عواقبه، فهم ما زالوا يملكون تحقيق أمنيتهم في التبرؤ من متبوعيهم.
وهذه طريقة القرآن الكريم في تصوير المشهد قبل وقوعه بما فيه من مواقف، وحقائق، ولمسات نفسية، لتحقيق الغرض الديني منه.
كما أن هذه المشاهد، تبرز اتصال الدنيا بالآخرة، إذ ينتقل الناس بأحوالهم ومواقفهم واعتقاداتهم وأفعالهم، وأدوارهم إلى اليوم الآخر، ليحاسبوا على ذلك كلّه، ويواجهوا نتائج أعمالهم. فصورة الإنسان في مشاهد القيامة، هي امتداد لحياته في الدنيا، بلا فواصل بين الدنيا والآخرة حتى يبقى اليوم الآخر قريبا من حسّه وشعوره، فيكون مستعدا له، وحذرا من وقوعه المفاجئ، ويقف الشيطان من وراء الأتباع والمتبوعين، يدفع الأتباع ويغويهم بالانقياد، ويغري المتبوعين بتضليل الأتباع والضعفاء، ثم ينفض يديه هو أيضا يوم القيامة
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 352