نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 365
وهو مشهد حيّ يعرض كأنّه حاضر. نراه في حركة دخول الملائكة من كل باب، وهم يلقون التحية والسلام، ويذكرونهم بما كان منهم من صبر على العمل الصالح.
ومن نعم الجنة، كثرة الأنهار الجارية فيها، وهي أنهار متنوّعة. يقول تعالى: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى، وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ، وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ محمد: 15.
فالشراب يناسب كل الأذواق، والله أعلم بما يفضله البشر من أنواع النعيم الحسي.
لذلك جاء هذا التنويع في الشراب ليلبي رغبات البشر، ويستثير فيهم شوقهم إلى الجنة.
والمشهد هنا كلّه أشربة، وهي أنهار أيضا، لتوحي بالكثرة والوفرة، والديمومة وعدم الانقطاع. ولكنّ هذه الأشربة، وإن كانت معروفة لدى الناس في الدنيا، طعمها مختلف، ونوعها أجود، ثم تضاف أنواع الثمرات، إلى مشهد الشراب، ليكتمل النعيم الحسي، وقد تركت الثمرات مجملة بدون تفصيل لاستثارة الخيال، كي يستحضر أنواعها، وطعومها، وألوانها وأشكالها. وهناك النعيم المعنوي إلى جانب النعيم الحسي، ويتمثّل في المغفرة من الله.
وإلى جانب أنهار الجنة، هناك العيون الكثيرة. قال تعالى: إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ الحجر: 45، إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ المرسلات: 41، فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ الرحمن: 50، فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ الرحمن: 66، إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً، عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ، يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً الإنسان: 5 - 6، عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ المطففين: 28، عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا الإنسان: 18.
وهذا التنويع للعيون، يقصد به مراعاة، مراتب أهل الجنة، من ناحية، وحثّ الإنسان، واستثارة عاطفته لهذا النعيم الخاص، من ناحية أخرى.
كما أنّ الصورة، تناولت «بناء الجنة» على شكل غرف حينا، وقصور ضخمة، أو مساكن، حينا آخر، قال تعالى: وَمَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ التوبة: 72، وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ سبأ: 37، أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا، وَيُلَقَّوْنَ فِيها تَحِيَّةً وَسَلاماً الفرقان: 75.
وهي غرف مبنية بعضها فوق بعض على شاكلة القصور لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِها غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعادَ الزمر: 20.
نام کتاب : وظيفة الصورة الفنية في القرآن نویسنده : عبد السلام أحمد الراغب جلد : 1 صفحه : 365