responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا    جلد : 1  صفحه : 152
كل شىء، فإذا استشعر هذا المعنى ووقر فى نفسه انطلق لسانه بحمد هذا الإله الرحمن الرحيم، وذكّره الحمد بعظيم نعمه، وكريم فضله، وعظيم آلائه البادية فى تربيته للعوالم جميعا، فأجال بصيرته فى هذا المحيط الذى لا ساحل له، ثم تذكّر من جديد أن هذه النعم الجزيلة والتربية الجليلة ليس عن رغبة ولا رهبة. ولكنها عن تفضّل ورحمة فنطق لسانه مرة ثانية بالرحمن الرحيم، ولكن من كمال هذا الإله العظيم أن يقرن الرحمة بالعدل، ويذكّر بالحساب بعد الفضل، فهو مع رحمته السابغة المتجدّدة سيدين عباده، ويحاسب خلقه يوم الدين يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ [الانفطار:
19]، فتربيته لخلقه قائمة على الترغيب بالرحمة، والترهيب بالعدالة والحساب.
وإذا كان الأمر كذلك: فقد أصبح العبد مكلّفا بتحرّى الخير، والبحث عن وسائل النجاة، وهو فى هذا أشد ما يكون حاجة إلى من يهديه سواء السبيل، ويرشده إلى الصراط المستقيم، وليس أولى به فى ذلك من خالقه ومولاه. فليلجأ إليه وليعتمد عليه وليخاطبه بقوله: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) وليسأله الهداية من فضله إلى الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم عليهم بمعرفة الحق واتباعه، غير المغضوب عليهم بالسّلب بعد العطاء، والنكوص بعد الاهتداء، وغير الضّالين التائهين الذين يضلون عن الحق، أو يريدون الوصول إليه، فلا يوفقون للعثور عليه. آمين.
فهل رأيت تناسبا أدق، أو ارتباطا أوثق مما تراه بين معانى هذه الآيات الكريمات؟
وتذكّر وأنت تهيم فى أودية هذا الجمال ما يرويه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ربّه فى الحديث القدسى الذى أوردناه آنفا" قسمت الصلاة بينى وبين عبدى" وأدم
هذا التدبّر والإنعام، واجتهد أن تقرأ فى الصلاة أو غيرها على مكث وتمهّل وخشوع وتذلّل، وأن تقف على رءوس الآيات، وتعطى التلاوة حقها من التجويد والنغمات من غير تكلّف ولا تطريب، أو اشتغال بالألفاظ عن المعانى مع رفع الصوت المعتدل فى التلاوة العادية أو الصلاة الجهرية، فإن ذلك يعين على الفهم، ويثير ما غاض من شآبيب الدمع، وما نفع القلب شىء أفضل من تلاوة فى تدبّر وخشوع.

نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا    جلد : 1  صفحه : 152
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست