responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا    جلد : 1  صفحه : 312
ولو خرجوا ما زادوا المسلمين الشجعان إلا خبالا بالدسائس والمكايد والتوهين وضعف الجلد، ولمشوا فى صفوفهم بالفتنة وبالكلمات الموهنة المؤلمة وبمعانى التّخذيل والانقسام ابتغاء تمزيق الوحدة حتى يعود الجميع جبناء ولا ينفردون هم بهذا الوصف.
وفى الناس من يستمع إلى القول، ومن يؤثّر فى نفسه الحديث فيظنه صدقا وما هو بصدق، ولكنه يحيك فى صدره وينال من نفسه، ويظهر أثره فى فعله، ولقد ظهر هذا التوهين منهم يوم أحد فقد أشاع عبد الله بن أبى- رأس المنافقين- الفتنة فى الناس وهم قادمون على عدوهم، وأخذ ينفث فى صدورهم السحر، ويقول: ما كان لنا أن نخرج، لقد أطاع محمد الولدان والصغار وعصانى [1]، فيم هذا القتال ولا فائدة لنا من ورائه؟
ولقد أثّر قوله بعض الشيء، حتى همّ بنو سلمة وبعض الخزرج بالفشل لولا أن ثبتهم الله وفيهما نزلت الآية الكريمة: إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُما [آل عمران:
122]، ولم يلبث عدو الله مع هذا أن عاد أدراجه، وأمثال هؤلاء فى الجيوش أو الدعوات أخطر عليها من ألد أعدائها وخصومها، وهم: دعاة الهزيمة والطابور الخامس الذى يجب أن يستأصل ويباد [2]، والله عليم بالظالمين.
ولكن هذا لن يؤثر فى الدعوة أو يحول دون النصر وإن كان له خطره وضرره، وترى أمثال هؤلاء يسرّون بهزيمة أصحابهم ويكرهون لهم الفوز والظهور، وقتل الإنسان ما أكفره، ومن الخير كل الخير للجيش والجماعة أن تتخلّص من هذه الأشكال.
ولقد رووا أن خالدا فى غزو اليمامة استبطأ النصر، فصاح به أحد الصحابة: ميّزنا يا خالد فقد أهلكت الناس واحمل بالأنصار والمهاجرين، ففعل وميّز أهل السّابقة وهم ثلاثة آلاف، وترك الباقين وهم أضعافهم، ثم حمل فانتصر وظهر أمر الله وهم كارهون، وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [يوسف: 21].

[1] انظر: سيرة ابن هشام (3/ 8).
[2] كتبت فى المقال ويبيد، وقد رأيت أن الأنسب أن تكون ويباد، والله أعلم.
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا    جلد : 1  صفحه : 312
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست