نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 44
" سنقصد فى الكتابة على بحوث هذا الفن (أى العقيدة) إن شاء الله تعالى على أمرين أساسيين: أولهما: الاعتماد على طريقة القرآن الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم فى توصيل العقائد الدينية إلى النفوس واستيلائها على المشاعر والقلوب بدون تعمق فى الألفاظ وتشعّب فى البحوث، أو إيراد للآراء والمذاهب، أو خوض فى مصطلحات الفلاسفة والمناطقة والكلاميين والجدليين وتلك طريقة السلف الصالح رضوان الله عليهم.
وثانيهما: العناية ببيان آثار هذه العقائد فى النفوس ليعلم القارئ أين نفسه من درجة استيلاء العقيدة الإسلامية عليها، فإن كانت متأثرة بها، حمد الله على نعمته، وإن كانت هذه الآثار ضعيفة فى نفسه، عمل على علاجها وتقوية إيمانها، فقد كانت العقائد عند أسلافنا عواطف مستقرة فى القلوب والمشاعر، مستولية على النفوس، فلما أن صارت عندنا جدلا وكلاما ضعف إيمان الأمة، وتسرّب إلى دينها الخلل والوهن [1].
كما تعامل البنا فى قضايا الدعوة الشائكة أيضا بمعيار القرآن وأسلوب القرآن، فلم يكن يضخّم قضايا صغيرة على حساب القضايا الكبرى، وكان كذلك يتبنّى منهج القرآن وهو الدعوة لوحدة الصف، والاتفاق على الحد الأدنى من المسلّمات، والتعامل مع المخالفين بمبدإ الائتلاف لا الاختلاف، والتوحّد لا التفرق، نرى هذا فى موقفه عند ما حكّم فى قضية صلاة التراويح هل هى ثمانى ركعات أم عشرون ركعة؟ وما الأفضل؟
ووجد الإمام الشهيد أن الترجيح هنا لن يحل المشكلة، بل سيزيد من الخلاف، فقال:
فليصلّها كلّ منكم فى بيته كما شاء، فإن التراويح سنة، ووحدة الصف والإخاء فريضة.
وهكذا كان حسن البنا فى معظم قضايا الخلاف.
ومن الإنصاف أن نذكر أن البنا وإن كان قد شرب هذا المنهج من القرآن، إلا أن مؤثرا مهما جعل البنا يتشرّب هذا المنهج، إنه والده العلامة الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتى رحمه الله، ذلك الرجل العالم الذى خدم مسند الإمام أحمد خدمة جليلة [1]، فقد غرس الرجل فى ابنه هذا المنهج، وأذكر للقارئ موقفا من حياة الرجل فى [1] انظر: مجلة (جريدة الإخوان المسلمين) الأسبوعية العدد الأول الصادر فى يوم الخميس الموافق 2 من صفر سنة 1352 هـ. مقال (كيف أكتب القسم الدينى لجريدة الإخوان المسلمين) للبنا.
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا جلد : 1 صفحه : 44