responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا    جلد : 1  صفحه : 98
ودار بيننا حديث حول العقائد والآراء. فكان من آراء هذا الكاتب: أن ما ورد فى القرآن الكريم من معجزات الأنبياء ليس خارقا للعادة، ولكنّه مبنىّ على قواعد علمية عرفها الأنبياء ولم يعرفها الناس الذين كانوا فى زمنهم، وضرب لذلك مثلا بانفلاق البحر لموسى وقال: إنّ هذه ظاهرة طبيعية بسيطة لا تتجاوز نظرية المد والجزر التى صار يعرفها صبيان المدارس فى علم الجغرافيا، فموسى علم أن البحر سينجزر ماؤه على شاطئ السويس، فانتهز هذه الفرصة، واجتاز الماء بقومه، وفرعون جاء من بعد ذلك فى وقت [المدّ] فغرق هو وقومه، ويكون الإعجاز: أن موسى عرف هذه الظاهرة، وغيره لم يعرفها. وأثنى على الشيخ أبى زيد وكتابه خيرا، وعابه بأنه لم يجهر بهذه الآراء، ولم يوضّحها كما يجب.
فقلت له: إنّ عبارة القرآن ليست كذلك، فإن الله تعالى يقول فى سورة الشعراء:
فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ [الشعراء: 61 - 67].
فقال: إنّ هذا تصوير القرآن البليغ، وخطابته المؤثرة، وإلا فليس هناك ضرب بعصا، ولا انفلاق ولا طرق ومسالك، وإلا هى الاستعارة التمثيلية والبلاغة الخطابية.
فقلت له: لو سلمت لك جدلا بأن معجزة موسى فى انفلاق البحر كانت ظاهرة طبيعية أساسها المد والجزر، فما قولك فى معجزته فى انقلاب العصا حية؟ وما قولك فى معجزات عيسى الكثيرة، ومنها ما حكاه القرآن فى سورة آل عمران أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ [آل عمران: 49].
فكان جواب الأستاذ الكاتب الكبير على ذلك:" الحاوى يعمل أكثر من كده! ".
وهنا لم أطق صبرا، فقلت: معاذ الله أن يكون ذلك أيها الرجل، ومعاذ الله أن يكون أنبياء الله ورسله ممخرقين" حواة" يضحكون على أممهم بما يضحك به الحاوى على المتفرجين برؤيته، وإن ما ذكرته فى قصة موسى لا يتفق مع المعقول ولا المنقول.

نام کتاب : نظرات في كتاب الله نویسنده : حسن البنا    جلد : 1  صفحه : 98
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست