وقمين بالمؤمن أن يجري وراء استجلائها، ليفقه خطاب ربّه، وينهل من معين الحياة الطيبة، فهو- بحقّ- أب لسائر العلوم وسائرها دونه.
لأنه المصدر التشريعي الأول، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه الحاوي لكلّ وسائل السعادة، الهادي إلى سواء السبيل، المحكم في قوانينه، وتشاريعه.
قال الله تعالى:
كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [1].
ولم تكن الأهمية له متأخرة، بل وجدت مع أوّل تنزيلاته، فأعلن القرآن أنّ الضامن لحفظه منزّله سبحانه، وذلك حين بدأ التنزيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بواسطة جبريل عليه السلام، طفق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أخذه، ومن ثمّ صار يسابقه في قراءته، حرصا أن يفلت بعض منه، فهبط جبريل عليه السلام بأمر الله أن لا يعجل، فمن أنزله يحفظه، وييسّر أداءه.
قال الله تعالى: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (7) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ [2].
ولم يقف الأمر ببيان معانيه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده، وإنما تعدّاه [1] هود (1). [2] القيامة (16 - 19).