ولا كلفة، وقد تقرر فى عقل كل عاقل أن العالم لو اجتمعوا على أن يخلقوا من الماء بعوضة، ويصوروا منه صورة فى حال ما يشاهدونه ويعرفونه، لم يقدروا على ذلك ولا وجدوا إليه سبيلا، فكيف يقدرون على الخلق فى الأرحام.
فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ (سورة المؤمنون الآية 14) وهذا الاستدلال مروى عن جعفر بن محمد».
وهاك نموذج آخر من تفسيره:
قوله تعالى:
لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ.
(سورة آل عمران الآية 164) يقول: «المعنى: ذكر سبحانه عظيم نعمته على الخلق ببعثه نبينا فقال:
«لقد من الله» أي أنعم الله «على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا» منهم خص المؤمنين بالذكر وان كان صلّى الله عليه وسلم مبعوثا إلى جميع الخلق، لأن النعمة عليهم أعظم لاهتدائهم به وانتفاعهم ببيانه، ونظير ذلك ما تقدم بيانه من قوله «هدى للمتقين»، وقوله: «من أنفسهم» فيه أقوال: أحدها:
أن المراد به من رهطهم يعرفون منشأه وصدقه وأمانته، وكونه أميا لم يكتب كتابا ولم يقرأه ليعلموا أن ما أتى به وحى منزل، ويكون ذلك مشرفا لهم وداعيا إياهم إلى الايمان.