ومن عرف الله فلا عليه أيضا ان أكل هنيئا وشرب مريئا.
وما كان أبو الحسن يتعمد قط أن يأكل الغليظ من الطعام، أو يقتصر على غير الزلال البارد من الشراب، انه يقول:
يا بنى برد الماء، فانك اذا شربت الماء السخن فقلت الحمد الله، تقولها بكزازة: وإذا شربت الماء البارد، فقلت الحمد الله استجاب كل عضو منك بالحمد لله.
وعن ذلك، وبيانا لنهج الطريقة الشاذلية، الذى رسمه أبو الحسن، يقول ابن عطاء الله:
«وأما لبس اللباس اللين، وأكل الطعام الشهى، وشرب الماء البارد:
فليس القصد إليه بالذى يوجب العتب من الله، إذا كان معه الشكر لله، ا. هـ ..
وهذا كله طبعا يتمشى مع قوله تعالى:
قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ، قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ. (سورة الأعراف الآية 32) ويقول الأستاذ على سالم عمار:
«كان الشاذلى يلبس الفاخر من الثياب، ويركب الفاره من الدواب، ويتخذ الخيل الجياد» ا. هـ.
ولقد كان الجانب العلمى من العناصر الاولى التى حددت شخصية الشاذلى: لقد بدأ الدراسة والتحصيل صغيرا، فثقف كأحسن ما يكون المثقف، لقد ثقف على الطريق العادى فحفظ القرآن، ودرس السنة، ودرس العلوم الدينية، وسائل وغايات: «ولم يدخل فى علوم القوم حتى كان يعد للمناظرة فى العلوم الظاهرة».