ما صنف العلماء رضى الله عنهم فى تفسير القرآن من التصانيف المختلفة الأوصاف، المتباينة الاصناف، فمنهم من اثر الاختصار ومنهم من طول حتى كثر الاسفار، ومنهم من تكلم فى بعض العلم دون بعض، ومنهم من اعتمد على نقل أقوال الناس، ومنهم من عمل على النظر والتحقيق والتدقيق، وكل أحد سلك طريقا نحاه، وذهب مذهبا ارتضاه، وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى (سورة الحديد الآية 10)، فرغبت فى سلوك طريقهم والانخراط فى مساق فريقهم، وصنفت هذا الكتاب فى تفسير القرآن العظيم،- وسائر ما يتعلق به من العلوم وسلكت مسلكا نافعا، إذ جعلته وجيزا جامعا، قصدت به اربعة مقاصد تتضمن اربع فوائد:
الفائدة الأولى: جمع كثير من العلم فى كتاب صغير الحجم، تسهيلا على الطالبين وتقريبا على الراغبين، فلقد احتوى هذا الكتاب على ما تضمنته الدواوين الطويلة من العلم ولكن بعد تلخيصها، وتنقيح فصولها، وحذف حشوها وفضولها، ولقد اودعته من فن من فنون علم القرآن اللباب المرغوب فيه، دون القشر المرغوب عنه، من غير افراط ولا تفريط ثم انى عزمت على ايجاز العبارة، وافراط الاختصار، وترك التطويل والتكرار ..
الفائدة الثانية:- ذكر نكت عجيبة، وفوائد غريبة، قلما توجد فى كتاب، لأنها من نبات صدرى وينابيع ذكرى، ومما أخذته عن شيوخى رضى الله عنهم، أو مما التقطته من مستطرفات النوادر الواقعة فى غرائب الدفاتر ..
الفائدة الثالثة:- ايضاح المشكلات، اما بحل العقد المقفلات، واما بحسن العبارة ورفع الاحتمالات، وبيان المجملات.
الفائدة الرابعة: تحقيق أقوال المفسرين، السقيم منها والصحيح، وتمييز الراجح من المرجوح وذلك ان أقوال الناس على مراتب: فمنها الصحيح الذى يعول عليه، ومنها الباطل الذى لا يلتفت إليه، ومنها ما يحتمل الصحة