كان يقول فى معنى «اعبدوا ربكم».: وحدوا ربكم ... وقد دللنا على أن معنى العبادة الخضوع لله بالطاعة والتذلل بالاستكانة ... والذى أراد ابن عباس- ان شاء الله- بقوله فى تأويل قوله (اعبدوا ربكم) وحدوه، أى أفردوا الطاعة والعبادة لربكم دون سائر خلقه.
حدثنا محمد بن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن أبى محمد عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال الله:
يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ للفريقين جميعا من الكفار والمنافقين، أى وحدوا ربكم الذى خلقكم والذين من قبلكم ..
ثم قال:
وهذه الآية من أدل دليل على فساد قول من زعم أن تكليف ما لا يطاق إلا بمعونة الله غير جائز إلا بعد إعطاء الله المكلف المعونة على ما كلفه، وذلك أن الله أمر من وصفنا بعبادته والتوبة من كفره بعد إخباره عنهم أنهم لا يؤمنون، وانهم عن ضلالتهم لا يرجعون.
وقوله (لعلكم تتقون) تأويله: لعلكم تتقون بعبادتكم ربكم الذى خلقكم وطاعتكم إياه فيما أمركم به ونهاكم عنه وافراد كم له العبادة لتتقوا، سخطه وغضبه أن يحل عليكم، وتكونوا من المتقين الذين رضى عنهم ربهم:
وكان مجاهد يقول فى تأويل قوله: «لعلكم تتقون» تطيعون ..
حدثنا ابن وكيع قال: حدثنى أبى عن سفيان عن ابن أبى نجيح عن مجاهد فى قوله (لعلكم تتقون) قال: لعلكم تطيعون ..
قال أبو جعفر: والذى أظن أن مجاهدا أراده. بقوله هذا لعلكم أن تتقوا ربكم بطاعتكم إياه، وإقلاعكم عن ضلالتكم ....
من هنا استحق كتاب جامع البيان عن تأويل القرآن للطبرى ثناء العلماء، فقال ابن خزيمة: