القراءات والقرّاء لمحة دراسيّة سريعة في ذلك
منشأ القراءات:
اعلم أن «القرآن» و «القراءات» حقيقتان متغايرتان، كما قال الزركشي في كتابه البرهان [1]. أما القرآن فهو هذا اللفظ الموحى به إلى محمد صلّى الله عليه وسلّم للبيان والإعجاز، وأما القراءات فهي ما قد يعتور اللفظ المذكور من أوجه النطق والأداء كالمدّ والقصر والتخفيف والتثقيل وغيرها مما قرأ به الرسول صلّى الله عليه وسلّم ونقل عنه بالسند الصحيح المتواتر.
وبيان ذلك، أنه لما كتب عثمان المصاحف ووجّهها إلى الأمصار وحملهم على ما فيها، وأمرهم بترك ما خالفها من الأحرف الأخرى التي لا تتفق معها- ترك الناس من قراءاتهم التي كانوا يقرءون بها كل ما خلاف خط المصحف، واستمروا يقرءون بسائرها مما لا يخالف الخط وثبتت روايته بالسند المتواتر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
فهذه الأوجه التي استمر الصحابة والتابعون على القراءة بها، بهذا الضابط الذي ذكرنا، هو الجزء الذي بقي من الأحرف السبعة، وهو الذي يسمى بالقراءات [2]. [1] البرهان: 1 - 318. [2] انظر الإبانة لمكّي بن طالب. ص 18 وارجع إلى ص 59 من هذا الكتاب.