المدود، فمنهم من أطالها ومنهم من قصرها ومنهم من بالغ في القصر [1].
وعلى كلّ فقد قلنا في صدر هذا البحث إن هنا لك فرقا بين القرآن والقراءات وأوضحنا الفرق إذ ذاك.
فأما القرآن فكله متواتر منقول بواسطة سلسلة متصلة من الجموع التي يؤمن تواطؤها على الكذب، عن طريق كلّ من الكتابة والمشافهة.
وأما القراءات، فما كان منها منضبطا بالشروط الثلاثة التي ذكرناها فهو ثابت ثبوتا قاطعا يقرأ على أنه قرآن، وهو بين أن يكون متواترا ومشهورا، بالإضافة إلى صحته
من حيث السند والرواية. وينطبق بذلك على القراءات العشر.
حكم القراءات الشاذة:
وما لم ينضبط من ذلك بالشروط المذكورة، فهو مردود شاذ مهما كان مصدر نقله ومهما كانت كيفية سنده.
فلا يقرأ القرآن بشيء من ذلك، في صلاة أو نسك أو تلاوة.
أما العمل بمضمون هذه القراءات الشاذة، فينظر في ذلك إلى سندها فإن توفّر فيه ما يجب توفره في الحديث الآحاد من شروط الصحة، اعتبر بمثابة الحديث وجاز أخذ الأحكام منه.
وسبب ذلك أن مصدر كثير من القراءات الشاذة أن بعض الصحابة كانوا يهمّشون مصاحفهم الخاصة، بكلمات تفسيرية لبعض الألفاظ الغامضة إذ كانوا لا يخشون من التباسها بالقرآن بسبب أن عامّتهم كانوا يحفظون القرآن ويضبطونه ضبطا تامّا، من ذلك تقييد عبد الله بن مسعود آية فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ بكلمة متتابعات، وتقييد عبد الله بن عباس آية لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ بكلمة: في موسم الحج [2]. [1] البرهان: 1 - 319، والإتقان: 1 - 78. [2] انظر الإتقان: 1 - 77.