تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذابِ يهيمن عليهم في حالة العسر واليسر، وفي تقلبات البأس والضعف.
ومن النوع الثالث: آيات كثيرة تعلن، في بيانات حاسمة عن نواميس كونية، وتخبر أنها ستظل قوانين نافذة حاكمة على الناس كلهم وعلى الطاقة العلمية كلها، مهما تنوعت وتقدمت صعدا. فهي تستعصي على كل محاولات التغيير والتطوير، وإليك بعضا من هذه الآيات:
- وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ (يس: 68).
- أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ (النساء: 78).
- وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ (المؤمنون: 18).
- وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (الإسراء: 85).
- نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ، لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا (الزخرف: 32).
تأمل في هذه التقارير القاطعة في أسلوبها، المطلقة عن قيود الزمان والمكان، المرسلة في قوة وإصرار إلى أعماق غيوب المستقبل، المتجاهلة بل المترفعة عن محاولات التطوير والعلم، أيمكن أن ينطق بها بشر؟ ... وهل الإنسان نفسه إلّا ذرّة من جزئيات الكون، فهو لا يدري ما الذي يأتي به الغد أو يتطور إليه العلم، أو تمتد إليه الطاقة؟
إن أعظم العلماء شأنا اليوم، يرى الحقيقة العلمية بعينيه، ثم يتحفظ مع ذلك في التعبير عنها، متوقعا أن يفاجأ في كل يوم بقيود أو حدود جديدة لها.
فأيّ رجل هذا الذي يستطيع أن ينهض من وراء القرون الغابرة، فيبعث إلى الدنيا كلها بتقرير علمي جازم يفصّل فيه أمر النواميس الكونية الراسخة، ويرفعها فوق هام البشرية مؤكدا أن أي طاقة، مهما كانت، لن تمتد إليها بأي تغيير؟